كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

شيء؟ فزاد «من» فِي الوَاجِبِ، وهو لا يجوز على الصحيح.
قال شهاب الدين: قالوا يجوز زيادتها في غير المُوجب. وفسروا غير الموجب بالنفي والنهي والاستفهام وهذا استفهام.
قوله: {إِذْ كَانُواْ} معمول ل «أغْنى» وِهيَ مُشْربة معنى التعليل، أي لأنهم كانوا يجحدون فهو كقوله ضَرَبْتُهُ إذْ أَسَاءَ، أي ضربته لأنه أساء. وفي هذه الآية تخويف لأهل مكة. ثم قال: {وَحَاقَ بِه مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} يعني أنهم كانوا يطلبون نزول العذاب على سبل الاسْتِهْزَاء.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى} يا كفار مكة كحِجْر ثَمُود وعاد باليمن وأرض سدوم ونحوها بالشام {وَصَرَّفْنَا الآيات} الحُجج بيناها لهم لعل أهل القرى يرجعون. قال الجبائي: قوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} معناه لكي يرجعوا عن كفرهم وذلك يدل على أنه تعالى أراد رجوعهم ولم يرد إصرارهم وأجيب: بأنه فصل ما لو فعله غيره لكان ذلك لأجل الإرادة المذكورة وإنَّما ذهبنا إلى هذا التأويل للدلائل الدالة على أنه تعالى مريد لجميعِ الكائنات.
قوله تعالى: {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله قُرْبَاناً آلِهَةَ} القُرْبَانُ ما تُقُرِّب به إلى الله.
أي اتخذوها شفعاء وقالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى} [الزمر: 3] .
قوله: {قُرْبَاناً} فيه أربعة أوجه:
أظهرها: أن المفعول الأول ل «اتَّخَذَ» محذوف، هو عائد ... . . «قُرْبَاناً» نصب على الحال، و «آلِهَةً» هو المفعول الثاني للاتِّخَاذ، والتقدير ... . . نَصَرَهُم الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ مُتَقَرَّباً بهم آلهة.

الصفحة 411