كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

ومُوسَى، وهم المذكورون على النَّسقِ في سورة الأعْراف والشُّعَرَاءِ.
وقال مقاتل: هم ستة، نوح صبر على أذى قومه، كانوا يضربونه حتى يُغْشَى عَلَيْه، وإبراهيم صَبَرَ على النار وذبْح الوَلَد، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب، صبر على فَقْد ولده، وذَهَابِ بصره، ويوسفُ صبر في الجُبِّ والسِّجْن، وأيوبُ صبر على الضُرِّ.
وقال ابن عباس وقتادة: هم نوح، وإبراهيم، وموسى وعيسى أصحاب الشرائع، فهم مع مُحَمَّد خمسة. وقال البغوي: ذكرهم الله على التخصيص في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وموسى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7] وفي قوله: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً} [الشورى: 13] الآية روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال لعائشة: يا عائشةُ إن الله لم يرض لاولي العزم إلا بالصّبر على مكروهها، والصبر على محبوبها لم يرضَ إلا ان كلفني ما كلفهم قال: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} ، وإني والله لا بدّ لي من طاعة، والله لأصبرنَّ كما صَبَرُوا وأَجْهَدَنَّ ولا قوة إلا بالله.
قوله: {وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} العذاب فإنه نازل بهم. قيل: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ضجر من قومه بعضَ الضَّجَر، وأحبَّ أن ينزل الله العذاب بمن أبى من قومه، فأمر بالصبر، وترك الاستعجال. ثم أخبر أن ذلك العذاب إذ أنزل بهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها ساعة من نهار فقال: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ} من العذاب {لَمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ} إذا عاينوا العذاب صار طُول لَبْثهِمْ في الدنيا والبْرزَخ كأنه ساعةٌ من النهار، أو كان لم يكن لهول ما عاينوا، لأن ما مضى وإن كان طويلاً صار كأنه لم يكن، قال الشاعر:
4461 - كَأَنَّ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ إذَا مَضَى ... كَأَنَّ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ إذَا أَتَى
واعلم أنه تم الكلام ههنا.
قوله: «بلاغ» العامة على رفعه. وفيه وجْهَان:
أحدهما: أنه خبر مبتدأ محذوف، فقدره بعضهم: تلكَ الساعةُ بلاغٌ، لدلالة قوله: {إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ} . وقيل: تقديره هذا أي القرآن والشرع بلاغٌ من الله إليكم.
والثاني: أنه مبتدأ والخبر قله «لَهُمْ» الواقع بعد قوله {وَلاَ تَسْتَعْجِل} أي لهم بلاغ

الصفحة 421