كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

إله إلا الله أي يأتي بالساعة كما قال: {أَزِفَتِ الآزفة لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ} [النجم: 5758] . وقيل: فاعلم أنَّه لا إله إلا الله ينفعك، قيل الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد غيره. وقيل: معناه فاثْبُتْ عليه. وقال الحُسَيْنُ بن الفضل: فازدَدْ علماً إلى علمك. وقال أبو العالية وابن عُيَيْنَةَ: معناه إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا مَلْجَأَ ولا مَفْزعَ عند قيامها إلا الله. ثم قال: «فَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» أمرٌ بالاستغفار من أنه مغفور له لِتَسْتَنَّ به أمته. وقيل: معنى قوله لذنبك أي لذَنبِ أهل بيتك الذي ليسوا منك بأهل بيت. وقيل: المراد النبي؛ والذنب هو ترك الأفضل الذي هو بالنسبة إليه ذنب وحسناتُنا دون ذلك. قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: إنّهُ لَيُعَانُ عَلَى قَلْبِ وَإنّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ.
قوله: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات} هذا إكرام من الله تعالى لهذه الأمة حيث أمر نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يستغفر لذنوبهم {والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} قال ابن عباس والضحاك: متقلبكم: مُنْصَرَفَكُمْ ومنْشَرَكُمْ في أعمالكم في الدنيا «ومثواكم» مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار. وقال مقاتل وابن جرير: متقلبكم منصرفكم لأشغالكم بالنهار ومثواكم مأواكم إلى مضاجعكم بالليل. وقال عكرمة: متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ومثواكم ومقامكم في الأرض. وقال ابن كيسان: متقلبكم من ظهر إلى بطن ومثواكم مقامكم في القبور، وقيل: معناه أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها.
قوله: {وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ} أي هلاَّ. ولا التفات إلَى قول بعضهم إنَّ «لاَ» زائدة. والأصل لو نزلت. والعامة على رفع محكمة لقيامها مقام الفاعل. وزَيْدُ بنُ عَلِيٍّ بالنصب فيهما على الحَالِ. والقائم مقام الفاعل ضمير السورة المتقدمة وسَوَّغ وقوعَ الحال كذا وَصْفُها كقولك: الرَّجُلُ جَاءَنِي رَجُلاً صَالِحاً وقرىْ: فَإذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ. وقرأ زيدٌ بْنُ عَلِيٍّ وابنُ عُمَيْر «وَذَكَرَ» مبنياً للفاعل أي الله تعالى «القِتَالَ» نصباً.

الصفحة 450