كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

فصل
المعنى ويقول الذين آمنوا حرصاً منهم على الجهاد هلا أنزلت سورة تأمرنا بالجِهاد.
واعلم أن المؤمن كان ينتظرم نزول الأحكام والتكاليف ويطلب تنزيلها وإذا تأخرت عنه التكليف كان يقول: هلا أمرت بشيء من العبادة خوفاً من أن لا يؤهل لها. وأما المنافق فإذا أنزلت السورة أو الآية وفيها تكليف فيشق عليه ذلك فحصل التَّبَايُن بين الفريقين في العلم والعمل.
والمراد بالسورة التي فيها تكليف؟ . وقوله: «مُحْكَمَةُ» أي لم تنسخ، وقال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين.
قوله: {رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} يعنى المنافقين {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} شَزْراً بتحديقٍ شديدٍ كراهِيةً منهم للجهاد، وجبناً عن لقاء العدوِّ.
قوله: {نَظَرَ المغشي} الأصل نَظَراً مثل نَظَراً مثل نَظَر المَغْشِيِّ عليه من الموت كما ينظر الشاخص بصره عنْد الموت.
قوله: {فأولى لَهُمْ طَاعَةٌ} . اختلف اللّغويون وةالمُعْرِبُونَ (رَحِمَهُ اللهِ عَلَيْهِمْ) في هذه اللفظة فقال الأصمعي (رَحمهُ الله) : إنها فعل ماضٍ بمعنى قاربه ما يهلكه، وأنشد (رَحمهُ اللهُ) :
4474 - فَعَادَى بَيْنَ هَادِيَتَيْنِ مِنْهَا ... وَأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ عَلى الثَّلاَثِ
أي قارب أن يزيد.
قال ثعلب: لم يقل أحدٌ في أوْلَى أحسنت من الأصمعيِّ. وقال البغوي: معناه وَلِيَكَ وَقَرَبَك ما تكره ولكن الأكثرين على أنه اسم. ثم اختلف هؤلاء فقيل هو مشتق من الوَلْي وهو القريب كقوله:
4475 - تُكَلِّفُنِي لَيْلَى وَقَدْ شَطَّ وَلْيُهَا ... وَعَادَتْ عَوَادٍ بَيْنَنا وَخُطُوبُ

الصفحة 451