كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

قال قتادة: هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعدما عرفوه ووجدوا نعتَه في كتابهم. وقال ابن عباس والضحاك والسدي: هم المنافقون.
قوله: {الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ} أي زين لهم القبيحَ. وهذه الجملة خبر: {إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ} وتقدم الكلام على سَوَّلَ معنًى واشتقاقاً. وقال الزمخشري هنا: وقد اشتقه من السَّؤلِ من لا عِلْمَ له بالتصريفِ والاشتقاق جميعاً. قال شهاب الدين: كأنه يشير إلى ما قاله ابْنُ بَحْر من أن المعنى أعطاهم سُؤْلَهُمْ. ووجه الغلط فيه أن مادة السّول من السؤال بالهمز ومادة هذا بالواو فافْتَرَقَا، فلو كان على ما قيل لقيل سأَّل بتشديد الهمزة لا بالواو. وفيما قال الزمخشري نظر؛ لأن السؤال له مادتان سأل بالهمزة وسال بالألف المنقلبة من واو. وعليه قراءة: «سَالَ سَائِلٌ» وقوله:
4479 - سَأَلَتْ هُذَيْلٌ رَسُولَ اللهِ فَاحِشَةً ... ضَلَّتُ هُذَيْلٌ بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبِ
وقد تقدم هذا في البقرة مستوفًى.
قوله: {وأملى لَهُمْ} العامة على أملي مبنياً للفاعل وهو ضمير الشيطان. وقيل: هو للباري تَعَالى. قال أبو البقاء: على الأول: يكون معطوفاً على الخبر. وعلى الثاني: يكون مستأنفاً. ولا يلزم ماقاله بل هو معطوف على الخبر في كلا التقديرين أخبر عنهم بهَذَا وبهَذَا.
وقرأ أبو عمرو في آخرين أُمْلِيَ مبنياً للمفعول. والقائم مقام الفاعل الجار.
وقيل: القائم مقامه ضمير الشيطان ذكره أبو البقاء. وقرأ يعقوبُ وسلاَّمٌ ومجاهد وأُمْلِي بضم الهمزة وكسر اللام وسكون الياء فاحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مضارعاً مسنداً لضمير المتكلم أي وأملي أنا لهم، وأن

الصفحة 460