كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

بفَوْزاً» ؛ لأنه مصدر فلا يتقدم معموله عليه. من اغتفر ذلك في الظرف جوزه. قال ابن الخطيب: معناه أن ذلك الإدخال والتكفير في علم الله فوز عظيم يقال: عندي هذا الأمر على هذا الوجه أي في اعتقادي.
قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ... } الآية.
اعلم أنه قدم المنافقين على المشركين في كثير من المواضع لأمور:
أحدها: أنهم كانواأ شد على المؤمنين من الكافر المجاهر؛ لأن المؤمن كان يتوقى المشرك المجاهر ويخالط المنافق لظنه بإيمانه وكان يفشي أسراره. وإلى هذا أشار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقوله «اَعْدَى عَدُوكَ نَفْسُكَ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ» ولهذا قال الشاعر:
4489 - احْذَرْ عَدُوَّكَ مَرَّة ... وَاحْذَرْ صَدِيقَكَ أَلْفَ مَرَّهْ
فَلَرُبَّمَا (انْقَلَبَ) الصَّدِيقُ ... عَدُوًّا وَكَان أَعْلَمَ بِالْمَضَرَّهْ
وثانيها: أن المنافق كان يظن أن يتخلص بالمخادعة والكافر لا يقطع بأن المؤمن إن غلبه يعذبه فلهذا أول ما أخبر الله عن المنافق.
قوله: {الظآنين بالله} صفة للفريقين. وتقدم الخلاف في السَّوءِ في التَّوبْة. وقرأ الحسن السُّوءِ بالضم فيهما.
فصل
قال المفسرون: ظن السوء هو أن ينصر محمداً والمؤمنين. وقال ابن الخطيب: هذا الظن يحتمل وجوهاً:
أحدها: هو الظن الذي ذكره الله بقوله: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول} [الفتح: 12] .
وثانيها: ظن المشركين بالله في الإشراك كقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ

الصفحة 484