كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

سَمَّيْتُمُوهَآ} إلى أن قال: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً} [النجم: 23 28] .
وثالثها: ظننتم أ، الله لا يرى ولا يعلم كما قال تعالى: {ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] .
قال: والأول أصح أو يقال: المراد جميع ظنونهم كما قال: {ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ} [ص: 27] . ويؤيد ذلك دخول الألاف واللام في السَّوْء. وفي السَّوءِ وجُوهٌ:
أحدها: وهو اختيار المحققين من الأدباء: أن السَّوْسَ عبارة عن الفساد والصِّدق عبارة عن الصلاح، يقال: مررت برجل سَوءٍ أي فاسد، وسكنت عند رجل صِدْق، أي صالح وهو قول الخليل، والزَّجَّاج واختاره الزَّمخشريّ.
(وتحقيق هذا أن السوء في المعاني كالفساد في الأجساد يقال: ساء مِزَاجُهُ (و) ساء خُلُقُه (و) سَاءَ ظَنَّه، كما يقال: فسدَ اللحمُ وفسد الهواء بل كلُّ ما ساء فقد فسد، وكلّ؟ ما فَسدَ فقد سَاءَ غير أن أحدهما كثير الاستعمال في المعاني والآخر في الأجرام قال تعالى: {ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر} [الروم: 30] وقال: {سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 9] و [المجادلة: 15] و [المنافقون: 2] .
قوله: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السوء} أي دائرة الفساد يعني حاق بهم العذاب بحيث لا يخرجون منه {وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} زيادة على التعذيب «وَلعنَهُمْ» أي الغضب يكون شديداً {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ} في العُقْبَى {وَسَآءَتْ مَصِيراً} أي جهنم.
قوله تعالى: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السماوات والأرض} تقدم تفسيره. وفائدة الإعادة أن لله جنود الرحمة وجنود العذاب، أو جنود الله أنزلهم قد يكون إنزالهم للرحمة وقد يكون للعذاب فذكرهم أولاً لبيان الرحمة بالمؤمنين كما قال: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً} [الأحزاب: 43] وثانياً: لبيان إنزال العذاب بالنافقين والمشركين.
وفي الأول ذكر الجنود قبل إِدْخَال الجنَّة وذَكرهم هنا بعد تعذيب الكفار وإعداد

الصفحة 485