كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

جهنم؛ لأن الله تعالى يُنَزِّل جنودَ الرحمة ليدخل المؤمن معظماً مكرماً الجنة، ثم يلبسهم خُلع الكرامة بقوله: {وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} ثم يقربهم زلفى بقوله: {وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ الله فَوْزاً عَظِيماً} وأما في حق الكفار فيغضب الله عليهم أولاً فيعبدهم ويطردهم إلى البلاد النائية عن الرحمة وهي جهنم، ثم يسلط عليهم ملائكة العذاب وهم جنود الله كما قال تعالى: {عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ الله} [التحريم: 6] فلذلك ذكر جنود الرحْمَةِ أولاً هناك، وقال ههنا: {وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} وهو الإبْعَاد إلى جهنم ثم ذكر الجنو وهم (الملائكة) ملائكة العذاب آخراً.
قوله تعالى: {إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً} على أمتك بما يفعلون، كما قال تعالى: {وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143] أنه لا إله إلا الله وكما قال تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم} [آل عمران: 18] . وهم الأبنياء «وَمُبَشِّراً» من قبل شهادته ويحكم بها «ونَذِيراً» لمن ردَّ شهادته.
ثم بين فائدة الإرسال فقال: {لِّتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} أي تعينوه وتنصوره «وَتُوَقِّرُوهُ» أي تُعظموه وتُفخموه، هذه الكنايات راجعة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وههنا وقف. ثم قال وتسبحوه، أي تسبحوا الله، يريد يصلوا له بكرةً وَأصيلاً بالغَدََاةِ والعشيّّ.
وقيل: الكنايات راجعة إلى لله تعالى، أي ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروا الله بتقوية دينه، ويوقروه الله الذي يُعَظِّموه.
قوله: «لِتُؤْمِنُوا» قرأ ابن كثير وأبو عمرو ليُؤْمِنُوا وما بعده بالياء من تحت رجوعاً إلى قوله المؤمنين والمؤمنات. والباقون بتاء الخطاب (وقرأ الجَحْدريّ يَعَزُّرُوه بفتح

الصفحة 486