كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 17)

توليته الإمارة مع بعث الله تعالى نبيه، فأبطل الباطل، وصدق بالحق، وبلغ الدين.
وفيه من الفقه: أن الإمام إذا مضى إلى موضع فيه أعداء له أن على المسلمين أن يمضوا معه ويحرسوه، فإن جُني عليه نصروه، كما فعل عبد الله بن رواحة حين قال: والله لحمار رسول الله أطيبُ ريحًا منك.
فإن نوزع قاتلوا دونه.
وقول أنس فبلغنا أنها نزلت {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] يستحيل -كما قال ابن بطَّال- أن تكون نزلت في قصة عبد الله بن أُبي، وفي قتال أصحابه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أصحاب عبد الله ليسوا بمؤمنين، وقد تعصبوا له بعد الإسلام في قصة الإفك.
وقد جاء هذا المعنى مبينًا في هذا الحديث في كتاب الاستئذان من رواية أسامة بن زيد: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجلس فيه أخلاط من المشركين والمسلمين وعبدة الأوثان واليهود وفيهم عبد الله بن أُبي، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا عرض عليهم الإيمان، قال ابن أبي: اجلس في بيتك فمن جاءك يريد الإسلام .. الحديث (¬1).
فدل أن الآية لم تنزل في قصة ابن أُبي وإنما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حدٍّ (¬2) فاقتتلوا بالعصا والنعال. قاله سعيد بن جُبير، والحسن، وقتادة (¬3).
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (6254) باب: التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين.
(¬2) كذا بالأصل، وفي المطبوع من "شرح ابن بطال": (حق)، وهو الموافق لقول قتادة عند الطبري في "تفسيره" 11/ 388.
(¬3) "شرح ابن بطال" 8/ 80.

الصفحة 13