وفي موضع آخر: قال إسرائيل وزهير: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بغلته (¬1)، وفي رواية قال البراء: رجل من قيس (¬2).
ثم الكلام عليه من وجوه:
أحدها: (حنين) بالحاء المهملة: وادٍ بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف قاله الواقدي.
وقال البكري: بضعة عشر ميلاً، والأغلب فيه التذكير؛ لأنه اسم ماء، وربما أنثته العرب جعلته اسمًا للبقعة، وهو وراء عرفات، سمي بحنين بن قانية بن مهلاييل (¬3).
وقال الزمخشري: هو إلى جَنْبِ ذِي المَجَازِ، وتأتي في الغزوات، وكانت سنة ثمان، وسببها أنه لما أجمع - عليه السلام - على الخروج من مكة لنصرة خزاعة أتى الخبر إلى هوازن أنه يريدهم، فاستعدوا للحرب حتى أتوا سوق ذي المجاز فسار - عليه السلام - حتى أشرف على وادي حنين مساء ليلة الأحد، ثم صابحهم يوم الأحد نصف شوال.
ثانيها: قوله: (ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر) هذا معلوم من حاله وحال الأنبياء؛ لفرط إقدامهم وشجاعتهم وثقتهم بوعد الله في رغبتهم في الشهادة ولقائه، ولم يثبت عن واحد منهم -والعياذ بالله- أنه فر، ومن قال ذلك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل، ولم يستتب عند مالك؛ لأنه صار بمنزلة من قال: إنه كان أسودَ أو أعجميًّا؛ لإنكاره ما علم من وصفه قطعًا وذلك كُفْرٌ.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (4317) كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}.
(¬2) سيأتي برقم (4317).
(¬3) "معجم ما استعجم" 2/ 471 - 472.