كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 17)

ففيه من الفقه: أن مَنْ زَهَا على مَنْ هو دونه، أنه يَنْبغي أَنْ يُبَيَّنَ من فضله ما يُحْدِثُ له في نفس المَزْهُوِّ مِقْدَارًا وفضلًا حَتَّى لا يحتقر أحدًا من المسلمين، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - أبان من حال الضعفاء ما ليس لأهل القوة من الغناء، فأخبر أن بدعائهم وصومهم وصلاتهم ينصرون.
ويمكن أن يكون هذا المعنى الذي لم يذكره في حديث سعد الذي (ذكرناه) (¬1) الذي رأى به الفضل لنفسه على من دونه، وفي حديث أبي سعيد ما يشهد لصحته، ويوافق معناه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (¬2)؛ لأنه يفتح لهم لفضلهم ثم يفتح للتابعين لفضلهم، ثم يفتح لتابعيهم، فأوجب الفضل للثلاثة القرون، ولم يذكر الرابع، ولم يذكر له فضلاً فالنصر منهم أقل.
وفيه: معجزة لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفضله لأصحابه وتابعيهم.
والفئام: بفاء مكسورة وهمزة، ويقال بتخفيفها، وثالثة فتح الفاء ذكره ابن عديس، قَالَ الأزهري والجوهري: العامة تقول فيام بلا همز (¬3)، وهي الجماعة من الناس وغيرهم، قاله صاحب "العين" (¬4)، ولا واحد له من لفظه.
وجاء في لفظ: "هل فيكم من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" بدل من "صحب"، وهو رد لقول جماعة من المتصوفة القائلين أن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يره أحد في صورته، ذكره السمعاني.
¬__________
(¬1) في الأصل: زدناه.
(¬2) سلف برقم (2651) كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور.
(¬3) "تهذيب اللغة" 3/ 2727، "الصحاح" 5/ 2000.
(¬4) "العين" 8/ 405.

الصفحة 606