كتاب إيثار الإنصاف في آثار الخلاف

وَأما عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِنَّمَا خيرا بَين الْإِنْفَاق وَالطَّلَاق وَنحن نقُول الزَّوْج مُخَيّر بَينهمَا وَلَا كَلَام فِيهِ إِنَّمَا الْكَلَام فِي أَنه هَل يسْتَحق التَّفْرِيق أَولا وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على ذَلِك فَيكون اسْتِدْلَالا بِالسُّكُوتِ عَنهُ ثمَّ (هُوَ) أثر بِمُقَابلَة الْمَرْفُوع وَلَا يَصح
وَأما قَول سعيد بن الْمسيب فسعيد من التَّابِعين فَلَا يكون قَوْله حجَّة على أبي حنيفَة رَحمَه الله لقَوْل أبي حنيفَة مَا جَاءَ عَن التَّابِعين فهم رجال وَنحن رجال
على أَن السّنة تَنْصَرِف إِلَى الطَّرِيقَة الْحَسَنَة وَقد تكون من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تكون من الصَّحَابَة كَمَا قيل سنة العمرين فَيحْتَمل أَنه أَرَادَ سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ سنة أبي بكر وَعمر وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ سنة عمر وَعلي لِأَنَّهُ مَذْهَبهمَا وَقد تكون من التَّابِعين فَعِنْدَ الْإِطْلَاق لَا تَنْصَرِف إِلَى سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْأَلَة إِذا سبى الزَّوْجَانِ مَعًا لَا يَقع الْفرْقَة بَينهمَا عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَاحْمَدْ يَقع
وَاخْتلفَا فِي عِلّة الْفرْقَة فَقَالَ أَصْحَابنَا الْعلَّة تبَاين الدَّاريْنِ حَقِيقَة وَحكما وَمعنى الْحَقِيقَة أَن يكون أَحدهمَا فِي دَار الْإِسْلَام وَالْآخر فِي دَار الْحَرْب وَمعنى الحكم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا من أهل الدَّار الَّتِي هُوَ فِيهَا وَعند الْخصم عِلّة الْفرْقَة إِنَّمَا هِيَ السَّبي والقهر وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي مسَائِل

الصفحة 135