كتاب إيثار الإنصاف في آثار الخلاف

وَصُورَة الْمَسْأَلَة أحد الشَّرِيكَيْنِ أعتق نصِيبه وَهُوَ مُعسر فَعِنْدَ أبي حنيفَة لَا يعْتق مِنْهُ شَيْء لما مر وَعِنْدَهُمَا يعْتق كُله
وَعند الشَّافِعِي وَأحمد يعْتق نصفه وَيبقى النّصْف رَقِيقا يُبَاع ويوهب وتجري عَلَيْهِ أَحْكَام الأرقاء وَالْخلاف مَعَ الشَّافِعِي وَاحْمَدْ فِي مَسْأَلَتَيْنِ إِحْدَاهمَا هَذِه وَالثَّانيَِة فِي التَّخْرِيج إِلَى الْعتْق بالسعاية فعندنا يُمكن ذَلِك وَعِنْدهم لَا يُمكن
لنا مَا احْتج بِهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْمَسْأَلَة الْمَاضِيَة من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتق كُله لَيْسَ لله شريك وَهَذَا نَص وَمذهب الْخصم يُخَالِفهُ
وَكَذَا قَوْله استسعى العَبْد غيرمشقوق عَلَيْهِ سَمَّاهُ عبدا مُطلقًا وهم لَا يَقُولُونَ بِهِ وَأوجب السّعَايَة وهم لَا يَقُولُونَ بهَا
لَهُم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتق مَا عتق ورق مَا رق وَمَعْنَاهُ عتق مَا أعْتقهُ وَبَقِي على الرّقّ مالم يعتقهُ وَإِذا بَقِي الرّقّ بَقِي الْملك
قُلْنَا على قَوْلهمَا معنى قَوْله ورق مَا رق أَي بِسَبَب الدّين وَهُوَ السّعَايَة لِأَن الدّين رق على مَا ورد بِهِ الْأَثر
وعَلى قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله معنى عتق مَا عتق أَي فِي ثَانِي الْحَال ورق مَا رق صَحِيح لِأَنَّهُ رَقِيق وَلَا كَلَام فِيهِ ثمَّ نَحن نقُول بِمُوجبِه وَإِنَّمَا الأشارة إِلَى أَنه يبْقى رَقِيقا أم لَا الحَدِيث لَا يتَعَرَّض لَهُ على أَن هَذِه الْأَحَادِيث متعارضة وَقل مَا يصفو ورد التَّمَسُّك بهَا لأحد الْفَرِيقَيْنِ

الصفحة 193