كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

وَمَا رميت من حَيْثُ الْخلق إِذْ رميت من حَيْثُ الْكسْب وَلَكِن الله رمى من حَيْثُ الْخلق وَالْكَسْب خلقه خلقا لنَفسِهِ كسبا فَهُوَ مَخْلُوق لله تَعَالَى من وَجْهَيْن
وَمن ضلالات جهم قَوْله إِن الْجنَّة وَالنَّار يفنيان كَمَا يفنى سَائِر الْأَشْيَاء وَمن ضلالاته قَوْله إِن علم الله تَعَالَى حَادث وَإنَّهُ لَا يعلم مَا يكون حَتَّى يكون
وَكَانَ يَقُول إِن الله تَعَالَى لَا يُوصف بِشَيْء مِمَّا يُوصف بِهِ الْعباد فَلَا يجوز أَن يُقَال فِي حَقه أَنه حَيّ أَو عَالم أَو مُرِيد أَو مَوْجُود لِأَن هَذِه صِفَات تطلق على العبيد وَقَالَ إِنَّمَا يُقَال فِي وَصفه أَنه قَادر موجد فَاعل خَالق محيي ومميت لِأَن هَذِه الصِّفَات لَا تطلق على العبيد
وَكَانَ يَقُول كَلَام الله حَادث وَلَكِن لَا يجوز أَن يُسمى متكلما بِكَلَامِهِ وَمَعَ هَذِه الْبدع الَّتِي حكيناها عَنهُ كَانَ يعاني الْخُرُوج وتعاطي السِّلَاح وَكَانَ يحمل السِّلَاح وَيخرج على السُّلْطَان وَينصب الْقِتَال مَعَه ورافق سُرَيج بن الْحَارِث فِي وقايعه وَخرج على نصر بن سيار حَتَّى قَتله سلم بن أحوز الْمَازِني فِي آخر أَيَّام المروانية وَأكْثر أَتْبَاعه الْيَوْم بنواحي ترمذ وَأهل السّنة يكفرونهم لقَولهم بِأَن علم الله حَادث وَأَنه لَا يعلم مَا يكون حَتَّى يكون وَإِن كَلَامه حَادث وَأهل الْقدر أَيْضا يكفرون لقَولهم بِخلق الْأَفْعَال

الصفحة 108