كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

شَيْئا وَلَا أَن يزِيد فِي عَذَاب أهل النَّار شَيْئا وَكَانَ انتسابه إِلَيْهِم بِهَاتَيْنِ المقالتين ثمَّ زَاد عَلَيْهِم القَوْل بِمذهب أهل التناسخ وَكَانَ أَحْمد بن بانوش من أَصْحَابه وَكَانَ ينتسب إِلَيْهِ وَيَقُول بالتناسخ وَبَينهمَا خلاف كثير فِي مَوَاضِع وَكَانَ أَحْمد بن مُحَمَّد القحطي فِي زمَان الجبائي يجمع بَين القَوْل بالإعتزال والتناسخ وَكَانَ عبد الْكَرِيم ابْن أبي العوجاء خَال معن بن زَائِدَة فِي السِّرّ على دين المانوية وَكَانَ يَقُول بالتناسخ وَكَانَ فِي الظَّاهِر ينتسب إِلَى الْقَدَرِيَّة والرافضة وَوضع كثيرا من الْأَحَادِيث اغْترَّ بهَا الروافض وأفسد على الروافض صومهم وَوضع لَهُم حسابا يغيرون بِهِ رُءُوس الشُّهُور وَنسب ذَلِك إِلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الصَّادِق رَضِي الله عَنهُ وَلما ظهر خبر وضع الْحساب أَمر بقتْله أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي فصلب
وَبينهمْ خلاف كثير فِي معنى التناسخ كَانَ أَحْمد بن خابط يَقُول إِن الله خلق الْخلق فِي أبدان صَحِيحَة وعقول تَامَّة فِي دَار لَيست دَار الدُّنْيَا وَخلق لَهُم الْمعرفَة بِهِ وَأتم نعْمَته عَلَيْهِم وَأمرهمْ بشكره وَكَانَ يَقُول إِن الْإِنْسَان فِي الْحَقِيقَة هُوَ الرّوح لَا هَذَا القالب الَّذِي نشاهده وَإِن الرّوح هِيَ عَالم قَادر
وَكَانَ يَقُول إِن الْحَيَوَانَات كلهَا جنس وَاحِد وَإِن جَمِيع الْحَيَوَانَات فِي مَحل التَّكْلِيف ثمَّ كَانَ يَقُول أَن من اطاعه فِي تِلْكَ الدَّار أقره أقره هُنَاكَ وَمن عَصَاهُ هُنَاكَ أخرجه مِنْهَا إِلَى النَّار وكل من عَصَاهُ فِي الْبَعْض وأضاعه فِي الْبَعْض بَعثه إِلَى دَار الدُّنْيَا وَألبسهُ هَذِه القوالب وابتلاهم تَارَة بالشدة وَتارَة بالراحة وَتارَة بالألم وَتارَة باللذة وَجعل قوما مِنْهُم فِي صُورَة النَّاس وقوما فِي صُورَة الطُّيُور وقوما فِي صُورَة السبَاع وقوما فِي صُورَة الدَّوَابّ وقوما فِي صُورَة الحشرات كالحية وَمَا أشبه ذَلِك وَكَانَت درجاتهم فِي هَذَا الْمَعْنى على قدر معاصيهم فَمن كَانَت مَعْصِيَته

الصفحة 137