كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

الْبَاب الْخَامِس عشر فِي بَيَان اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَبَيَان مفاخرهم ومحاسن أَحْوَالهم وَيَقَع فِي هَذَا الْبَاب فُصُول ثَلَاثَة

أَحدهَا فِي بَيَان اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة
الثَّانِي فِي بَيَان تَحْقِيق النجَاة لَهُم بالطرق الَّتِي ننبه عَلَيْهَا
الثَّالِث فِي بَيَان فضائلهم
الْفَصْل الأول فِي بَيَان اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة السَّلِيم عَن جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ من الضلالات فَهُوَ
1 - أَن تعلم أَن الْعَالم بِجَمِيعِ أَرْكَانه وأجسامه وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من أَنْوَاع النَّبَات والحيوانات وَجَمِيع الْأَفْعَال والأقوال والاعتقادات كلهَا مَخْلُوق كَائِن عَن أول حَادث بعد ان لم يكن شَيْئا وَلَا عينا وَلَا ذاتا وَلَا جوهرا وَلَا عرضا وَالدَّلِيل على حدوثها أَنَّهَا تَتَغَيَّر عَلَيْهَا الصِّفَات وَتخرج من حَال إِلَى حَال وَحَقِيقَة التغيرات أَن تبطل حَالَة وتحدث أُخْرَى فَأَما الْحَالة الَّتِي حدثت فحدوثها مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ والمشاهدة وَمَا كَانَ ضَرُورِيًّا لم يفْتَقر إِلَى الإستدلال عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يُقَال أَنَّهَا انْتَقَلت من بَاطِن الْجِسْم إِلَى ظَاهره لِاسْتِحَالَة الِانْتِقَالَات على الصِّفَات وَأما الْحَالة الَّتِي بطلت لَو كَانَت قديمَة لم تبطل فبطلانها يدل على حدوثها لِأَن الْقَدِيم لَا يبطل وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْقَدِيم لَا يبطل لِأَن خُرُوج الذَّات عَن صفة وَاجِبَة لَهُ فِي حَال محَال لِأَنَّهَا لَو جَازَ خُرُوجهَا عَن تِلْكَ الصّفة لَصَارَتْ جَائِزَة الْوُجُود وَمَا كَانَ وَاجِب الْوُجُود لَا يصير جَائِز الْوُجُود كَمَا أَن جَائِز الْوُجُود لَا يصير وَاجِب الْوُجُود

الصفحة 153