كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

الدّلَالَة بقوله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} وَقَالَ قل لَو كَانَ مَعَه آلِهَة كَمَا يَقُولُونَ إِذا لَا تَبْغُوا إِلَى ذِي الْعَرْش سَبِيلا وَفِي تَحْقِيق التَّوْحِيد وَردت سُورَة الْإِخْلَاص إِلَى آخرهَا وَقَوله تَعَالَى {قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد}
4 - وَأَن تعلم أَن الْخَالِق لشَيْء ثَابت مَوْجُود لَا يجوز وَصفه بِالْعدمِ لِأَن الْخَالِق لَا يكون خَالِقًا إِلَّا بِأَن يكون قَادِرًا وَلَا يكون قَادِرًا إِلَّا وَالْقُدْرَة قَائِمَة والمعدوم لَا يقبل هَذِه الصِّفَات وَقَالَ الله فِي تَحْقِيقه {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَقَالَ تَعَالَى {فَتَبَارَكَ الله رب الْعَالمين} وَذَلِكَ يُوجب الثَّبَات وَالْقِيَام والوجود فِي جَمِيع الْأَحْوَال من غير تغير وَلَا زَوَال
5 - وَأَن تعلم أَن الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يجوز وَصفه بِالْحَاجةِ فَإِنَّهُ يلْزمه أَن يخرج من وصف الْحَاجة إِلَى وصف الإستغناء وَذَلِكَ يتَضَمَّن بطلَان صفة وحدوث صفة وَالْقَدِيم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يجوز عَلَيْهِ الْبطلَان وَلَا الْحُدُوث واصلة قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَالله الْغَنِيّ وَأَنْتُم الْفُقَرَاء} بَين بِهَذَا أَن صفة الْحَاجة والافتقار عَلَيْهِ محَال
6 - وَأَن تعلم أَن خَالق الْعَالم قَائِم بِنَفسِهِ وَمَعْنَاهُ أَنه بِوُجُودِهِ مستغن عَن خَالق يخلقه وَعَن مَحل يحله وَعَن مَكَان يقلهُ قَالَ الله تَعَالَى {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} مُبَالغَة عَن الْقيام والثبات على الْإِطْلَاق من غير حَاجَة إِلَى صانع يصنعه أَو موجد يوجده أَو مَكَان يحله

الصفحة 156