كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

20 - وَأَن تعلم أَن صانع الْعَالم حَيّ قَادر عَالم مُرِيد مُتَكَلم سميع بَصِير لِأَن من لم يكن بِهَذِهِ الصِّفَات كَانَ مَوْصُوفا بأضدادها وأضدادها نقائص وآفات تمنع صِحَة الْفِعْل فَصحت ثُبُوت هَذِه الصِّفَات لَهُ من وَجْهَيْن أَحدهمَا دلَالَة الْفِعْل وَالثَّانِي نفي النقائص وَقد دلّت على إِثْبَات هَذِه ظواهر نُصُوص الْقُرْآن وَردت جَمِيعهَا فِي الْأَسْمَاء التِّسْعَة وَالتسْعين الَّتِي استفاضت بهَا الْأَخْبَار فِي أَسمَاء الرب جلّ جَلَاله
قَالَ الله تَعَالَى {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَقَالَ {وتوكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت} وَقَالَ {وعنت الْوُجُوه للحي القيوم} وَقَالَ {قل هُوَ الْقَادِر} وَقَالَ وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم وَقَالَ {علام الغيوب} وَقَالَ لَا يعزب عَنهُ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاء وَقَالَ {هُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم} والحكيم من وَقع أَفعاله على مُوَافقَة إِرَادَته وَجَاء فِي صفته الرَّحْمَن الرَّحِيم والغفار والغفور والكريم والتواب وكل ذَلِك يرجع إِلَى إِرَادَته للتَّوْبَة وَالنعْمَة وَالْمَغْفِرَة وَيدل على إِرَادَته وَمِمَّا يدل على إِثْبَات كَونه متكلما قَوْله تَعَالَى {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} وَالْإِذْن من صِفَات الْكَلَام وَقَوله {إِنَّه غَفُور شكور} و {صبار شكور} وشكره للعباد مدحه إيَّاهُم على طَاعَته وَذَلِكَ من صِفَات الْكَلَام وَورد فِي أَسْمَائِهِ الْمُجيب وَذَلِكَ يتم بالْكلَام وَمن أَسْمَائِهِ

الصفحة 163