كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

الْبَاعِث وَذَلِكَ مِمَّا يدل على الْكَلَام وَلَا يتم بعث الرُّسُل إِلَّا بالْكلَام وَكَذَلِكَ الشَّهِيد مَعْنَاهُ أَنه يشْهد أَنه أرْسلهُ بِالصّدقِ يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ لَا يتم إِلَّا بالْكلَام وَكَذَلِكَ الْمُؤمن وَمَعْنَاهُ أَنه يصدق أنبياءه وَلَا يتم ذَلِك إِلَّا بالْكلَام وَورد السَّمِيع والبصير فِي الْكتاب وَالسّنة أظهر من أَن يخفى
21 - وَأَن تعلم أَن لَهُ حَيَاة وقدرة وعلما وَإِرَادَة وكلاما وسمعا وبصرا لِأَن من كَانَ مَوْصُوفا بِهَذِهِ الْأَوْصَاف ثبتَتْ لَهُ هَذِه الصِّفَات وَلَا يجوز أَن يكون غير الْمَوْصُوف بهَا مَوْصُوفا بِهَذِهِ الصِّفَات كَمَا لَا يجوز أَن تُوجد الصِّفَات من غير أَن يكون الْمَوْصُوف بِتِلْكَ الْأَوْصَاف مَوْصُوفا بهَا وَقد ورد فِي إِثْبَات الْعلم لَهُ آي كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى {أنزلهُ بِعِلْمِهِ} وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه قد أحَاط بِكُل شَيْء علما وَورد فِي إِثْبَات الْقُدْرَة لَهُ {ذُو الْقُوَّة المتين} وَالْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة وَورد فِي إِثْبَات الْإِرَادَة فعال لما يُرِيد {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} فِيهِ دَلِيل على إِثْبَات الْإِرَادَة والمشيئة
22 - وَأَن تعلم أَن صانع الْعَالم بَاقٍ لأَنا قد دللنا على أَنه قديم وَلَا يكون الْقَدِيم إِلَّا بَاقِيا وَقد ورد فِي أَسْمَائِهِ البديع الْبَاقِي وَورد فِي أَسْمَائِهِ الْحَيّ القيوم والقيوم مُبَالغَة من الْقيام وَذَلِكَ يتَضَمَّن كَونه بَاقِيا
23 - وَأَن تعلم أَن لَهُ بَقَاء لِأَن مَا وصف بِكَوْنِهِ بَاقِيا ثَبت لَهُ الْبَقَاء وَمَا لَا بَقَاء لَهُ لَا يكون بَاقِيا بِحَال لِأَن الْمَوْجُود لَو كَانَ بَاقِيا بِلَا بَقَاء لَكَانَ مستغنيا عَن الْقُدْرَة ولوجب مِنْهُ أَن يكون كل مَوْجُود فِي أول حَال وجوده قَدِيما والمحدث لَا يجوز أَن يكون قَدِيما بِحَال وينبه على هَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام}

الصفحة 164