كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

أَضْعَاف مَا خلق كَيفَ شَاءَ وَمَتى شَاءَ وَأَيْنَ شَاءَ وَأَنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادر على بعث الرُّسُل وإنزال الْكتب وَإِظْهَار المعجزات الدَّالَّة على صدقهم فَإِنَّهُ قَادر على الْحَشْر والنشر وثواب أهل الطَّاعَات وعقاب أهل الْمعاصِي كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ} وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَإِذا الْقُبُور بعثرت} وَقَالَ جلّ جَلَاله {قَالَ من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} وَقَالَ تَعَالَى {وحشرناهم فَلم نغادر مِنْهُم أحدا} وَقَالَ {ثمَّ توفى كل نفس مَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وعرضوا على رَبك صفا} وَقَالَ تَعَالَى لقد جئتمونا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة بل زعمتم أَن لن نجْعَل لكم موعدا
32 - وَأَن تعلم أَنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِي جَمِيع مَا يَأْتِيهِ أَو يذره لَا يُقَال فِيمَا فعله لم فعله وَلَا فِيمَا تَركه لم تَركه لِأَن الإعتراض إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَى من صدر قَوْله عَن أَمر آمُر وَنهي ناه وزجر زاجر وَإِنَّمَا يتَوَجَّه الْأَمر على من إِذا خَالف كَانَ للعقوبة إِلَيْهِ سَبِيل وَلَا سَبِيل للعقوبة إِلَى الله تَعَالَى فَلَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ الْأَمر وَإِذا لم يتَوَجَّه عَلَيْهِ الْأَمر اسْتَحَالَ عَلَيْهِ الإعتراض ولهذه النُّكْتَة قُلْنَا إِنَّه لَا يجوز عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ حظر وَلَا وجوب وَقد نبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على هَذَا الْمَعْنى بقوله {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {هُوَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة وَله الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون}
33 - وَأَن تعلم أَنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَكِيم فِي جَمِيع أَفعاله وَحَقِيقَة الْحِكْمَة فِي

الصفحة 168