كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

تَعَالَى {وَلَقَد جَاءَكُم يُوسُف من قبل بِالْبَيِّنَاتِ} وَقَوله تَعَالَى {ثمَّ بعثنَا من بعدهمْ مُوسَى وَهَارُون} وَقد نبه على الْجُمْلَة أَيْضا فِي قَوْله {ورسلا قد قصصناهم عَلَيْك من قبل ورسلا لم نقصصهم عَلَيْك}
38 - وَأَن تعلم أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول رب الْعِزَّة جَاءَنَا بِالصّدقِ فِي رسَالَته وَفِي جَمِيع أَفعاله وأقواله وَكَانَ معجزته الْقُرْآن تلاه على الْخلق وتحداهم إِلَى معارضته وَطلب الطَّاعَة مِنْهُم وَقَالَ لَهُم مَتى اتيتم بِسُورَة من مثله فَلَا طَاعَة لي عَلَيْكُم فاجتهد أهل اللُّغَة فِي إِسْقَاط طَاعَته عَن انفسهم وَعَن أَمْوَالهم وذراريهم فَلم يُمكنهُم وَلَو أمكنهم أَن يَدْفَعُوهُ عَن أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وأهاليهم بِكَلَام يأْتونَ بِهِ لما قصدُوا الْحَرْب والمسايفة الَّتِي فِيهَا الْقَتْل والأسر والإسترقاق والنهب وَالْغَصْب وَالسَّلب فِي الذَّخَائِر وَالْأَمْوَال فَلَمَّا لم يَأْتُوا علمنَا أَنهم اعرضوا عَن الْإِتْيَان بِهِ للعجز عَنهُ كَمَا ان سحره فِرْعَوْن فِي زمَان مُوسَى عجزوا عَن معارضته فَبَان بِهِ كَونه محقا فِي دَعوته وكما ان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَيَّامه أعجز الْأَطِبَّاء عَن مثل مَا اتى بِهِ وَاعْلَم أَن تَحْقِيق نبوة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَاهِرَة فِي كتاب الله تَعَالَى حِين قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا} وَحَيْثُ قَالَ {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَذَلِكَ مَذْكُور فِي غير مَوضِع من الْكتاب وَقَالَ فِي وصف معجزته {وَإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فَأتوا بِسُورَة من مثله وَادعوا شهداءكم من دون الله إِن كُنْتُم صَادِقين} الْآيَتَيْنِ
39 - وَأَن تعلم أَن الَّذِي بعث بِهِ الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْإِسْلَام وَأَن معجزته دَلِيل على صدقه فِي جَمِيع مَا أخبر بِهِ فمما أخبر بِهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا نَبِي بعدِي وَقَوله

الصفحة 172