كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني الْإِسْلَام على خمس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَحج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَبَين أَنَّهَا وَاجِبَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا تَنْقَطِع وَلَا ترْتَفع وَأخْبر أَنهم يحيون فِي الْقُبُور ويسألون عَن الدّين ثمَّ يُعَاقب العصاة وينعم أهل الطَّاعَات إِلَى وَقت الْمَحْشَر وَمِمَّا بعده ووما أخبر عَنهُ هُوَ الْحَشْر والنشر وَإِقَامَة الْقِيَامَة وَأَنَّهَا كائنة لَا يعرف وَقتهَا إِلَّا الله وَأَن الْخلق يحشرون ويحاسبون ثمَّ يخلد أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة فِي نعيم دَائِم وَأَنَّهُمْ يرَوْنَ رَبهم زِيَادَة فِي كرامتهم وإتماما لفضله عَلَيْهِم ويخلد الْكفَّار والمرتدون فِي عَذَاب جَهَنَّم لَا محيص لَهُم عَنْهَا بِحَال وَإِن قوما من العصاة يعاقبون فِي النَّار ثمَّ يخرجُون مِنْهَا بشفاعة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبشفاعة الْعلمَاء والزهاد والعباد وشفاعة أَطْفَال الْمُؤمنِينَ فَمن لم تسعه شَفَاعَة هَؤُلَاءِ وَكَانَ قد سبق لَهُم الْإِيمَان فَأَنَّهُ يخرج من النَّار برحمة الله جلّ جَلَاله وَكثير من عصاة الْمُؤمنِينَ يغْفر لَهُم قبل إِدْخَال النَّار إِمَّا بشفاعة الرَّسُول وَإِمَّا برحمة الْجَبَّار وَلَا يبْقى فِي النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان وَاعْلَم أَن الْمُؤمن لَا يصير كَافِرًا بالمعصية وَلَا يخرج بهَا عَن الْإِيمَان لِأَن مَعْصِيَته كائنة فِي طرف من الْأَطْرَاف لَا تنَافِي إِيمَانًا فِي الْقلب وَقد قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّا لَا نضيع أجر من أحسن عملا} وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبْقى فِي النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان وَلَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْكبر أَي من الْكفْر ومثقال ذرة من الْإِيمَان اعْتِقَاد مستخلص عَن الشّرك والإفك وَالشَّكّ والشبهة كَمَا وصفناه وَمَتى مَا اخْتَلَط بِهِ شائب من شوائب الْكفْر والبدع لم يسْتَحق صَاحبه اسْم الْإِيمَان كَمَا بَينه الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي قَوْله الشّرك يشركهُ الشّرك وَالْإِسْلَام لَا يشركهُ الشّرك وَقَوله الْحلف فِي الصّفة كالحلف فِي الْعين وَقد نبه الله تَعَالَى على هَذَا الْمَعْنى بقوله وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه

الصفحة 173