كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

إِلَّا وهم مشركون) فتقرر بِهِ أَن العقائد الْمَشْرُوطَة فِي وصف الْإِيمَان مَا لم تسلم عَن أَنْوَاع الْبدع والإلحاد لم يكن إِيمَانًا على الْحَقِيقَة وَقد ورد فِي معنى الشَّفَاعَة قَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
وَقد روى أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي تَفْسِير هَذِه إِذْ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة طلب الْخلق الشَّفَاعَة من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَيَقُولُونَ عَلَيْهِم السَّلَام اذْهَبُوا لمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَإِنَّهُ قد غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فيأتيه الْخلق ويسألونه الشَّفَاعَة قَالَ فَاسْتَأْذن على الله فَيَأْذَن لي فاسجد ويلهمني الله محامد لم يلهمني مثلهَا قبله فأحمده ثمَّ أرفع رَأْسِي من السُّجُود فَيُقَال لي قل يسمع لَك وسل تعط وَاشْفَعْ تشفع فَلَا أَزَال أشفع حَتَّى اخْرُج من النَّار كل من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَورد فِي شَفَاعَة الْأَطْفَال يظل الفرط محبنطئا على بَاب الْجنَّة يَقُول لَا أَدخل حَتَّى يدْخل أبواي وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي فَبين أَن أهل الْكَبَائِر يَوْمئِذٍ لَا ييأسون من رَحْمَة الله تَعَالَى وَالْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب ظَاهِرَة مستفيضة لَا ينكرها من لَهُ معرفَة بموارد الْأَخْبَار وَقد ورد فِي وصف الْحساب وَالْمِيزَان قَوْله تَعَالَى وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة وَقد ورد فِي الْأَخْبَار أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه أَن يرِيه الَّذِي يُوزن بِهِ الْأَعْمَال فَلَمَّا رَآهُ سقط وَغشيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ من ذَا الَّذِي يُطيق أَن يمْلَأ مَا امن الْحَسَنَات فَقَالَ يَا دَاوُد إِذا رضيت عَن عَبدِي مَلَأت هَذَا بثمرة وَاحِدَة وَمِمَّا جَاءَ فِي الْحساب قَوْله تَعَالَى وَوضع الْكتاب فترى الْمُجْرمين مشفقين مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا ويلتنا مَا لهَذَا الْكتاب لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها وَقَوله تَعَالَى وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي

الصفحة 174