كتاب روضة الزاهدين
تَفَكَّرُوا عِبَادَ اللهِ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَيْنَ كَانُوا أَمْسِ؟ وَأَيْنَ هُمُ الْيَوْمَ؟ أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ كَانُوا أَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا؟ قَدْ نُسُوا وَنُسِيَ ذِكْرُهُمْ، فَهُمُ الْيَوْمَ كَلَا شَيْءٍ: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةٌ بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 52]، وَهُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْقُبُورِ: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98]، وَأَيْنَ مَنْ تَعْرِفُونَ مِنْ أَصْحَابِكُمْ وَإِخْوَانِكُمْ؟ قَدْ وَرَدُوا عَلَى مَا قَدَّمُوا، فَحَلُّوا الشِّقْوَةَ وَالسَّعَادَةَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ نَسَبٌ، يُعْطِيهِ بِهِ خَيْرًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ سُوءًا، إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَإِنَّهُ لَا خَيْرَ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، وَلَا شَرَّ بِشْرٍ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ "
162 - (1/ 217) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ أَهْلِ دِمَشْقَ، أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ تَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ، وَتَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَا تَبْلُغُونَ، قَدْ كَانَ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِكُمْ يَجْمَعُونَ فَيُوعُونَ، وَيَأْمَلُونَ [ص:218] فَيُطِيلُونَ، وَيَبْنُونَ فَيُوثِقُونَ، فَأَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بُورًا، وَأَمَلُهُمْ غُرُورًا، وَبُيُوتُهُمْ قُبُورًا، هَذِهِ عَادٌ قَدْ مَلَأْتَ مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عُمَانَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا، فَمَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تَرِكَةَ آلِ عَادٍ بِدِرْهَمَيْنِ؟»
163 - (1/ 383) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِجِنَازَةٍ قَالَ: رُوحِي فَإِنَّا غَادُونَ، أَوِ اغْدِي فَإِنَّا رَائِحُونَ، مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَغَفْلَةٌ سَرِيعَةٌ، يَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَيَبْقَى الْآخَرُ، وَلَا عَقْلَ "
164 - (1/ 385) عَنْ بَنِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: " بَنَى رَجُلٌ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا
الصفحة 42