كتاب مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب

أنَّ جَميعَ العجم أكْفَاء لبعضِهِمْ، واعْتُبِر النَسَبُ في الكَفَاءةِ لأن العَرَبَ تَفْتَخِرُ بِهِ.
واعْلمْ أن لأحَادِيثَ الوَارِدَةَ في فَضْلِ قُرَيْشٍ، ثُم في فَضْلِ بني هَاشِمٍ كثيرة جِداً. وليسَ هذا مَوْضِعُهَا.
وأما العَقْلُ الدَّالُ على فَضْلِ العَرَب: فقد ثبتَ بالتَوَاتُرِ المَحْسُوسِ المُشَاهَدِ أنَّ العَرَبَ أكْثَرُ النَاس لسَخَاءً، وَكَرَماً، وَشَجَاعَةً، ومروءةً، وَشَهَامةً، وبلاغةً، وفَصَاحَةً. وِلساَنُهم أَتُم الألْسِنَةِ بياناً، وَتَمْييزاً للمعاني جمعاً وفَرْقاً بجمعِ المعاني الكثيرةِِ في اللَّفْظِ القَليلِ، إذا شاء المتكلِّمُ الجَمْعِ. ويميّزُ بين كلِّ لفظين مشتبهين بلفظٍ آخر مختصرٍ، إلى غيرِ ذَلكَ من خَصَائِصِ اللَسانِ العربيِّ.
ومَنْ كان كذلكَ فالعقلُ قَاضٍ بفضلهِ قَطْعَاً على مَنْ ليسَ كذلكَ، ولهم مكارمُ أخْلاَقٍ مَحموَدة لا تَنْحَصِرُ، غريزةٌِ في أنفسهم، وَسَجِيَّة لهم جُبلُوا عليها، لكنْ كانوا قبلَ الإِسلامِ طَبِيعةً قَابِلَةً للخيرِ ليسَ عندَهم عِلْمٌ مُنَزَّلٌ مِنَ السَّماءِ، وَلاَ هُمْ أيضاً

الصفحة 40