كتاب مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب

فنهى الله - سبحانه وتعالى - على لسان ِرسوَله عن نوعي الفخر والبغَي اللذين هما الاستيطال على الخلق، فَمَنْ استطالَ بحقٍ فقدْ افْتَخَرَ، وإنْ كانَ بغير حقٍ لقدْ بَغَى، ولا يحلُ. هذا ولا هذا.
ولو كان الفخرُ بالحسب أو النَسَب لكان لليهود فخرّ وأيُ فخر، فهم أولادُ يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق: ذبيح الله بن إبراهيم: خليل الله، إنًما الفَخْر بتقوى الله وطاعتِهِ، بامتثالِ أوامره، واجتناب نواهيهِ، ولهذا قال - (-: (يا فاطمةُ بنتَ محمدٍ لا أغني عنك مِنَ اللهِ شيئاً، يا عَبَّاسُ عمٌ رسولِ الله لا أغني عنكَ مِنَ الله شيئاً، يا صفيةُ عَمَةَ رسوَل الله - (- لا أغني عنك مِنَ الله شيئاً) .
ففي ذلك تنبيه منه - عليه السلام - لمن انتسبَ لهؤلاء الثلاثةِ أنْ لا يغتروا بالنَسبِ ويتركوَا الكَلِمَ الطَيب، والعملَ الصالح.
نَعَمْ مَنِ اتَقى الله - تعالى - من العَرَبِ فقد حَازَ فضيلةَ التقوَى، وفضيلةَ النَسبِ، ومَنْ لم يَتَقِ الله فهوَ إلى البهائم أقرب.
قال الله تعالى: (أنْ هًمْ إلا كالأنْعَام بَلْ هُمْ أضَلّ سَبيلا) .
وقال تعالى: (وَلَعَبْدُ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) .
فالفضلُ الحقيقي هو اتَباعُ ما بعثَ الله - تعالى - به محمداً مِنَ الإيمان ِوالعلمٍ باطناً وظاهراً، لا أنَهُ (بمُجَرَّد) كون الشخص عربياً أو عجمياً أو أسوَدَ أو أبيض أو بدوياً أو قَرَوياً.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رض الله عنه - قال: (كُنَّا جلوَساً عند النبي

الصفحة 54