كتاب مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب

رُويتْ في فضلِ رجالٍ مِنْ أبناءِ فارس الأحرار والموالي، مثل: الحسن، وابن سِيرين، وعِكْرِمَةَ مولى ابن عباس، وغيرهم مِمَّنْ وجد بعد ذلك فيهم مِنَ الرَّاسِخينَ في الإِيمان والدِّين والعلم، بحيثُ صاروا في ذلك أفضل من كثير من العَرَبِ.
وكذلك في سائر أصناف العجم من الرُّوم والتُرك والحبشة، فإنَّ الفضل الحقيقي هوَ اتباع ما بعثَ الله به محمداً - (- كما تقدَّم.
ولهذا كانَ اللذين تناولوا العلم والإِيمان من أبناء فارس إنَّما حصلَ لهم ذلك بمتابعتهم الدِّينَ الحنيف ولوازمه من العربية وغيرها، ومَنْ نقص مِنَ العرب فإنَّما هوَ بتخلّفهم عن مثل ذلك، ولهذا كانوا يفضلوَن من الفرس من رأوه أقرب إَلى متابعةِ السابقين مِنَ الصحابةِ والتابعين، حتى قال الأصْمَعِي فيما رواه عنه أبوَ طاهر السلفي في (كتابِ فَضْلِ الفُرْس) قالَ: عجمُ أصبهان: قريش العجم.
وروى - أيضاً - السَلَفيُّ بإسنادٍ معروف عن سعيدِ بن المُسَيبِ، قَالَ: لو أني لم أكن من قريش لأحببتُ أنَّ أكونَّ مِنْ فارسَ، ثُمَّ أحببتُ أنْ أكوَنَ مِنْ أصبهانَِ.

الصفحة 56