كتاب مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب

دار تَغَيرٍ وانقلاب.
واعلم أنَّ العربَ الذين هم سكانُ القُرى والأمْصَار أفضلُ من الأعراب الذين هم سكان الباديةِ، فإن الله - سبحانه - جعلَ سكنى القُرَى يقتضي من كمالِ الإنسان في العلمِ والذَين، ورِقةِ القلوَب مالا يقتضيه سكنى البادية. كما أنً الباديةَ تُوجب من صلابةِ البدنِ والخُلُقِ، ومتانَةِ الكلام ما لا يكون في القُرى، هذا هوَ الأصل.
وقد تكونَّ الباديةُ أحياناً أنفعُ من القُرى، ولذلك جعلَ الله - تعالى - الرُّسلَ من أهل القُرَى، فقالَ سبحانه: (وَمَا أرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إلاً رِجَالا نُوحي إلَيْهِمْ مِنْ أهْل القُرَى) .
ولهذا قالَ سبحانه: (الأعْرَابُ أشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأجْدَرُ أنْ لا يَعْلَموا حُدُودَ ما أنْزَلَ الله على رَسُولهِ) .
وروى أبو داود وغيرُ عن ابن عباس عن النبي - (- قالَ: (مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا، ومَنْ اتَّبعَ الصَيدَ غَفَلَ، ومَنْ أتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ) .

الصفحة 58