كتاب عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري

وسمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكازري يقول سمعت إبراهيم بن محمد بن يزيد عن عبد الله بن الأكبر متردداً يقول: كان على سيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
للناس حرص على الدنيا بتبذير ... وصفوها لك ممزوج بتكدير
لم يرزقوها بعقل عندما قسمت ... لكنهم رزقوها بالمقادير
كم من أديب لبيب لا يساعده ... ومائق نال دنياه بتقصير
لو كان عن قوة أو عن مغالبة ... طار البزاة بأرزاق العصافير
ورأيت في كتاب لابن ممشاد.
قد كسد العقل وأصحابه ... وفتحت للحمق أبوابه
فاستعمل الحمق تكن ذا غنى ... فقد مضى العقل وطلابه
وللامام الشافعي رحمه الله:
إن امرأ رزق اليسار ولم يصب ... حمداً ولا اجراً لغير موفق
فالجد يدنى كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق
فإذا سمعت بأن مجدوداً حوى ... عوداً فأثمر في يديه فحقق
وإذا سمعت بأن محروماً رأى ... ماء ليشربه فغاض فصدق
وأشد خلق الله بالهمّ امرؤ ... ذو همة يبلى بعيش ضيق
ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
ولابن الرومي:
جاهي أدق من الصراط ... فيكم وعزي في انحطاط
وتكايسى وتحاذقى ... يلجان في سم الخياط
وأنا الشقي بأرضكم ... مثل المصور في البساط
ولعي بن محمد السيرافي:
ما همتي إلا مقارعة العدى ... خلق الزمان وهمتي لم تخلق

الصفحة 42