كتاب عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري

ويا قبر ليلى إن في الصدر غصة ... مكان الشجى سدت مع الريق بالسلم
ثم شهق شهقة فمات، فدفنته أنا والراكب، وأنشأت أقول:
سابكيكما ما عشت حياً وإن أمت ... فإني قد لاقيت ما تجدان
قيل للمجنون: أتحب ليلى؟ قال لا، قيل ولم؟ قال لأن المحبة ذريعة للرؤية فقد سقطت الذريعة فليلى أنا وأنا ليلى.
أنشدنا محمد بن المنذر للمجنون:
تذكرت ليلى والفؤاد عميد ... وشطت نواها والمزار بعيد
يبدي الهوى من صدر كل متيم ... وحبي لليلى ما حييت جديد
قال الأصمعي: لم يكن المجنون مجنوناً ولكن كانت فيه لوثة كلوثة أبي حية النميري، وهو من أشعر الناس، ومن جيد شعره:
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الزجر
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
ويا هجر ليلى قد بلغت بي المدى ... وزدت على ما لم يكن صنع الهجر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
وأنشد الجعد بن عقبة الجرمي لمجنون بن عامر:
دعوت إله الناس عشرين حجة ... نهاراً وليلاً في الجميع وخاليا
لكي تبتلى ليلى بمثل بليتي ... فتعلم حالي أو ترق لما بيا
فلم يستجب لي الله فيها ولم يفق ... هواي ولكن زيد حب برانيا

الصفحة 51