كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 18)

4/ 1716 - "عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفيَّةِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمانُ اسْتَخْفَى عَلِيٌّ فِى دَارٍ لأَبِي عَمْرو بْنِ مُحْصَن الأنصارِي، فَاجتمعَ الناسُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ الدَّارَ فَتَدَارَكُوا (*) عَلَى يَدِهِ لِيُبَايِعُوهُ تَدَارُكَ الإِبِل الْبُهْمِ (* *) عَلَى حِيَاضِهَا فقالوا: نُبَايِعُكَ، قَالَ: لَا حَاجَةَ لى فِى ذَلِكَ عَلَيْكُم بِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. قالُوا: فَانْطَلِقْ مَعَنَا، فَخَرجَ عَلِيٌّ وَأَنَا مَعَهُ فِى جَمَاعةٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى أَتَيْنَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ الله فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الناسَ قَد اجْتَمَعُوا لِيُبَايِعُونِي، وَلَا حَاجَةَ لِى فِي بَيْعَتِهِمْ فَابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى كِتَابِ الله وسُنَّةِ رَسُولِهِ. فَقَال لَهُ طَلْحَةُ: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّى، وَأَحَقُّ لسَابِقَتِكَ وَقَرَابتكَ، وَقَد اجْتَمَعَ لَكَ مِنْ هَؤُلاِء النَّاسِ مَنْ قَدْ تَفَرَّقَ عَنِّى، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَخَافُ أَنْ تَنْكُثَ بَيْعَتِى، وَتَغْدُرَ بِى. قَالَ: لَا تَخَافَنَّ ذَلِكَ، فَوَالله لَا تَرَى مِنْ قِبَلِى أبَدًا شَيْئًا تَكْرَهُهُ، قَالَ: الله عَلَيْكَ بِذَلِكَ كَفِيلٌ؟ قَالَ: الله عَليَّ بِذَلِكَ كَفِيلٌ، ثُمَّ أَتَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَنَحْنُ مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِطَلْحَةَ، وَرَدَّ عَلَيْه مِثْلَ الَّذى رَدَّ عَلَيْهِ طَلْحَةُ وَكَانَ طَلْحَةُ قَدْ أَخَذَ لِقَاحًا (* * *) لعُثْمانَ وَمَفَاتِيحَ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ النَّاسُ اجْتَمَعُوا عَلَيْه لِيُبَايِعُوهُ، وَلَمْ يَفْعَلُوا، فَضَرَبَ الرُّكْبانُ بِخَبَرهِ إلَى عَائشَةَ وَهِىَ بِسرف فَقَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أُصْبعِهِ تُبَايِعُ بِخَبٍّ (* * * *) وَغَدْرٍ، قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: لَمَّا اجْتَمعَ النَّاسُ عَلَى عَلىٍّ قَالُوا لَهُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَد قُتِلَ وَلَا بُدَّ لِلنَّاس مِنْ إِمَامٍ، وَلَا نجِدُ لِهَذَا الأَمْرِ أَحَقَّ مِنْكَ وَلَا أَقْدَمَ سَابقَةً، وَلَا أَقْرَبَ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَحِمًا مِنْكَ. قَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنِّى وَزِيرٌ خَيْرٌ مِنَّى لَكُمْ أَمِيرٌ قَالُوا: والله مَا نَحْنُ بِفَاعِلِين أَبَدًا حَتَّى نُبَايِعَكَ، وَتَدَاكُّوا عَلَى يَدِهِ، فلَمَّا رَأَى ذلكَ قَالَ:
¬__________
(*) في الكنز "فتداكّوا على يده ليبايعوه تداكُكَ الإبل البَهم إلخ".
وورد في النهاية، ج 2 ص 128 في حديث عليّ - رضي الله عنه - "ثم تداكَكْتُم علىَّ تداكُكَ الإبل الْهِيم على حياضها" أى ازدحمتم، وأصل الدَّكّ: الكسر. اهـ.
(* *) في النهاية، ج 1 ص 167، 168 البُهم - بضم الباء - جمع بهيم، وهو في الأصل الذى لا يخالط لونه لون سواه، والبَهم - بفتح الباء - جمع بَهمة وهى ولد الضأن الذكر والأنثى إلخ.
(* * *) اللّقاح: ذوات الألبان، الواحد لقوح - النهاية -
(* * * *) الخَبُّ: بالفتح والكسر: الرجل الخَدَاع - القاموس والنهاية والمختار -

الصفحة 132