كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 18)

4/ 1603 - "عَنْ عَلىٍّ قَالَ: إِنَّ الدُّنْيا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَإنَّ الآخِرَةَ مُقْبلَة، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، أَلا وَإِنَّ الزَّاهدينَ فِى الدُّنْيَا اتَّخذُوا الأَرْضَ بِسَاطًا، والتُّرَابَ فِرَاشًا، وَالْمَاءَ طِيبًا، إِلَا مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَن الشَّهَواتِ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَن الْمُحَرمَات، وَمَنْ زَهِدَ فِى الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ. أَلَا إنَّ لله عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ، وَأَهْلَ النَّارِ فِى النَّارِ مُعَذَّبِينَ، شُرُورُهُم مَأمُونَةٌ، وقُلُوبُهُم مَحْزُونَةٌ، وَأَنْفُسُهُم عفِيفَةٌ، وحَوائجُهُم خَفِيفَةٌ، صَبَرُوا أَيَّامًا لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُم، تَجْرِى دُمُوعُهُم عَلَى خُدُودهِمْ يَجْأَرُونَ إِلَى ربِّهِم، رَبَّنَا رَبَّنَا، يَطلُبُونَ فِكَاكَ رِقَابِهِم، وَأمَّا النَّهارُ فَعُلَمَاءُ حُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِياءُ، كَأَنَّهُمُ الْقدَاحُ يَنْظُرُ إِلَيْهم النَّاظِرُ فَيَقُولُ: مَرْضَى؟ وَمَا بِالْقَوْأ مِنْ مَرَضٍ، وخُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ".
الدينورى، كر (¬1).
4/ 1604 - " عَنْ كَمَيْل بْنِ زِيَادٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِىٍّ بنِ أَبِى طَالبٍ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْجَبَّانِ (¬2) الْتَفَتَ إِلَى الْمقْبَرَةِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَا أَهْلَ الْبَلَاء، يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، مَا الْخَبَرُ عِنْدَكُم؟ فإنَّ الْخَبَرَ عِنْدَنَا؛ قَدْ قُسِّمَتْ الأمْوالُ، وَأَيْتَمَتِ الأوْلَادُ، واسْتُبْدِلَ بِالأزواج؛ فَهَذا الْخَبَرُ عِنْدَنا، فَمَا الْخَبَرُ عِندَكم؟ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلى فَقَالَ: يا كَمَيْلُ! لَوْ أُذِنَ
¬__________
= المذاييع: في مادة: ذيع قال في النهاية: وفى حديث على: ووصف الأولياء (ليسوا بالمذاييع البَذْرُ. هو جمع مذياع. من أذاع الشئ: إذا أفشاه، وقيل: أراد الذين يشيعون الفواحش وهو بناء مبالغة.
(¬1) الأثر في البداية والنهاية لابن كثير 8/ 7 عن عَلِىٍّ بلفظه مع بعض زيادة ونقص واختلاف يسير.
وفى الزهد لابن المبارك ص 86 رقم (255) جزء قليل منه ضمن أثر آخر عن عَلِى.
وفى الحلية لأبى نعيم 1/ 76 الطرف الأول منه إلى قوله: "من أناء الدنيا" عن عَلِىٍّ - رضي الله عنه - وترجمة الدينورى في ميزان الاعتدال 2/ 494 برقم 4566 وفيها: عبد الله بن محمد بن وهب الدينورى الحافظ الرحال. قال ابن عدى: كان يحفظ ويعرف، رماه بالكذب عمر بن سهيل، وقال الدارقطنى متروك، وكان يضع الحديث إلى آخر الترجمة وجلها على تضعيفه وتكذيبه.
(¬2) الجَبَّان والجَبَّانة: الصحراء، وتسمى بهما المقابر؛ لأنها تكون في الصحراء. النهاية 1/ 236 - 237.

الصفحة 94