كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

مشقة لأنه يعقده آحاد الناس فلو كلفناهم ذلك شق عليهم.
وقد حكى الإمام قول من قال: غنها تنعقد بواحد -أيضا- وقال: إن القاضي أبا بكر ارتضاه، وهو المنقول عن شيخنا أبي الحسن، وإنه أقرب إلى المذاهب، ووجهه بأن الغجماع ليس شرطا في هذا العقد إجماعا، ثم لم يثبت توقيف في عدد مخصوص، وليس بعض الأعداد اولى من بعض، فزم المصير إلى الاكتفاء بالواحد، لأن العقود في الشرع يتولاها عاقد واحد، وكلام القاضي يشير إلى أن هذا مقطوع به، ولست اراه بالغا مبلغ القطع، فإن أبا بكر – رضي الله عنه - لما بايعه عمر – رضي الله عنه – لو ثار ثائرون وأبدو اصفحة الخلاف، ولم يرضوا تلك البيعة – لما كنت أجد متعلقا في أن الإمامة كانت تستقل ببيعة واحد، وكذلك لو فرضت بيعة اثنين أو أربعة فصاعدا، وقدرت ثوران مخالفين لما وجدت متمسكا به اكتراث واحتفال في قاعدة الأمة، ولكن لما بايع عمر تبايعت الأيدي، واصطفت الأكف، واتسعت الطاعة، وانعقدت الجماعة، فالوجه عندي في ذلك: أن يعتبر في البيعة حصول مبلغ من الأتباع والأنصار والأشياع يحصل بهم شوكة ظاهرة وبيعة قاهرة، بحيث لو فرض ثوران خلاف لما غلب على الظن أن يصطلم اتباع الإمام، فإذ ذاك تثبت الإمامة وتستقر، ومما يدل على ذلك اتفاق العلماء قاطبة على أن رجلا من أهل الحل والعقد لو استخلى بمن يصلح للإمامة، وعقد له البيعة، لم تثبتالإمامة غلا ان يكون الواحد مطاعا في قومه كثير الأتباع [بحيث يفيد أتباعه ما ذكرناه.
قال: ولأجل هذا لم أر أن يكون العاقد للإمامة] مجتهدا، [ولكني أشترط] ان يكون المبايع ممن يفيد مبايعته مُنّة واقتهارا، ووجه امتناع انعقاد الإمامة بغير الطريقين المذكورين:
التمسك بالأصل في عدم وجود ما يصلح دليلا له، وقد اتبع

الصفحة 12