كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

الشيخ – فيما ذكرناه – صاحب ((الحاوي)) في الأحكام، فإنه هكذا حصر الانعقاد بالأمرين، وتبعهما في ذلك صاحب ((المرشد)) أيضا.
وقد قال غيرهم: إنه ينعقد بأمر آخر وهو القهر والشوكة، فإذا اجتمع في شخص شرائطها، وكانت له شوكة، ولم يكن ثمّ إمام، فقهر الناس وحملهم على طاعته – انعقدت له الإمامة كإمامة معاوية، وعلى ذلك جرى القاضي الحسين [والرافعي]، وأشار ابن يونس إلى خلاف فيه، حيث قال: انعقدت له الإمامة عل ىلصحيح من المذهب [، وللإمام تلويح إليه مع تفصيل فيه]. نعم، الخلاف المشهور [في] انعقادها له إذا كان فاسقا أو جاهلا، والظاهر: الانعقاد – أيضا – وإن كان عاصيا بما فعله، والفرق بين انعقاد الإمامة بهذا الطريق وبين انعقادها بأحد الطريقين السابقين: أنه لو تغلب متغلب على هذا الذي انعقدت إمامته بالتغلب، انعقدت إمامة الثاني، وانعزل الأول بلا خلاف، بخلاف من انعقدت إمامته بأحد الطريقين السابقين كما سنذكره.
وقد حكى الماوردي عن بعض فقهاء العراق والمتكلمين ثبوت الإمامة لمن تعينت عليه من غير عقد اقد، وتحمل الامة طاعته، لأن مقصود الاختيار تميز المُولّى وهذا متميز، وقد اختار الإمام هذا.
قال: ولا يجوز أن ينعقد لاثنين في وقت واحد، أي: في بلدين وإن تباعدتا وانتشر الإسلام حتى عم الأرض [شرقها وغربها]، كما قاله القاضي الحسين، وجهه: أن الأصل في الإمامة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التمسك بشريعة غير شريعته لمن بلغته الدعوة، فكذلك لا يجوز لأحد أن يطيع إمامين، ولأن في تعدد الأئمة اختلال أمور المسلمين، وافتراق الكلمة، لأنه قلما يتفق رأي شخصين، فلم يجز أكثر من إمام واحد، لتكون كلمة الإسلام مجتمعة. وتخالف جواز تولية قاضيين في بلد واحد على الشيوع على أحد الوجهين – كما سنذكره – فإن الإمام وراء القضاة، فإن فرض تنازع

الصفحة 13