كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

قال: عالماً بالأحكام. أراد بهذا أن يكون مجتهدا لا مقلدا، لأن معظم أمور الدين تتعلق بالأئمة، فلو لم يكن الإمام مستقلا بعلم الشريعة لاحتاج إلى مراجعة العلماء في تفاصيل الوقائع، وذلك يخرجه عن رتبة الاستقلال، ويفوت من الأمور العظام والخطوب الجسام ما لا يتناهى ولا يخطر بالبال.
وقد يفهم من كلام القاضي الحسين: أن ذلك ليس بشرط، حيث قال: لو اجتمع عالم فاسق وعدل جاهل، فالعدل الجاهل أولى، لأنه يمكنه حفظ الإمامة.
ثم ما يعرض له من الحوادث التي يحتاج فيها إلى الاجتهاد يفوضها إلى مجتهد من العلماء يكفيه ذلك، ويستشير العلماء، فما وقع الاتفاق عليه يعمل [به ويمضي] الحكم فيها بنفسه، بوليس] كذلك، فإن هذا مفروض -كما ذكره الإمام عند فقد من يوجد من اهل الاجتهاج.
ثم في هذا الوصف ما يغني عن ذكر الإسلام وإن كان معتبرا، كما صرح به غيره.
وقال بعض الشارحين: إن الشيخ لم يذكره، لأن الاجتهاد في الأحكام الشرعية لا يتصور من كافر.
قال: كافيا لما يتولاه من أمور الرعية وأعباء الأمة، لتوقف المقصود منه على ذلك.
والأعباء- بفتح الهمزة والعين [المهملة، وبالمد-: الأحمال والأثقال، واحدها: عبء، كحمل وأحمال]، وزنا ومعنى.
وقد أدرج الشيخ في هذا الوصف أوصافا صرح بها غيره:
منها: أن يكون ذا رأي صحيح مفض إلى سياسة الرعية، وتدبير المصالح، إذ الغرض من الإمام جمع شتات الرأي، فإنه لا ينتظم مع تفرقه تدبير، ولا يستتب من إنالة الملك قليل ولا كثير.

الصفحة 18