كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

ورضوا بقوله: نحن الأمراء وأنتم الوزراء.
وقال صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشاً ولا تقدموها".
وقد استدل الإمام لذلك مع الخبر- بأن الماضين ما زالوا لاهجين باختصاص هذا المنصب بقريشن ولم يتشوف أحد قط من غير قريش إلى الإمامة على تمادي الأيام وتطاول الأزمان، مع العلم بأن ذلك لو كان ممكناً لطلبه ذوو النجدة والبأس، ولما اشرأب لهذا المنصب المارقون في فسقطاط مصر اعتزوا أولاً إلى الشجرة النبوية على الافتراء، وبذلوا خزائن الأموال للكذابين النسابين، حتى ألحقوهم بصميم النسب. ثم قال: ولسنا نعقل احتياج الإمامة في وضعها إلى النسب، ولكن خص الله - تعالى - هذا المرتب العلي السني بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك من فضل الله يؤتي من يشاء.
وقد نسب بعضهم إلى الإمام احتمالاً في عدم اعتبار كونهم من قريش، والذي وقفت عليه من كلامه ما ذكرته.
والقاضي الحسين، قال: الشرط في الإمامة أن يكون من قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ثم من كان أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا، كان أولى بالإمامة؛ فالهاشمي أولى، فإن لم يوجد أحد من بني هاشم صالحاً [لها] فمن قريش، وهذا يكاد يرد عليه الإجماع؛ فإن أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم- لم يكونوا من بني هاشم وبني المطلب، وعليّ من بني هاشم، وقد قُدِّموا عليه.
ثم هل يراعى مع وجود الأوصاف المعتبرة الأكمل أو لا؟ [ولا] شك في أن الأكمل أولى، لكن لو بويع المفضول، فهل تنعقد إمامته؟ فيه خلاف حكاه الإمام في كتاب الأقضية:
الذي أورده الماوردي: أنه إن كان ذلك لعذر دعا إليه من كون الأفضل غائبًا أو مريضاً، أو كون المفضول أطوع في الناس وأقرب إلى القلوب- انعقدت، وإن بويع لغير عذر، فقد اختلف [في] الانعقاد.

الصفحة 20