كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

قال: [ولا يحتجب] عن الرعية، [أي: لا يتخذ حاجباً؛] لما روى أبو داود عن أبي مريم الأزدي قال: دخلت على معاوية، فقال: ما [أنعمنا بك] أبا فلان- وهي كلمة تقولها العرب- فقلت: حديثاً سمعته أخبرك به: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ وَلَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ [شَيْئَاً] مِنْ أُمُوْرِ المُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُوْنَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ، احْتَجَبَ اللهُ عَنْهُ دُوْنَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ"، وأخرجه الترمذي.
وأصل الحجب: المنع.
قال: ولا يتخذ حاجباً ولا بواباً، أي: في وقت انتصابه لفصل الخصومات؛ لأنه لا يأمن أن يمنع من له ظلامة، [أو يرجح] بعض الناس على بعض؛ لرشاء يأخذها، [أو غيره.
ويروى] أنه استصعب الإذن على المغيرة بن شعبة في خلوة أرادها مع عمر- رضي الله عنه- فرشا حاجبه يرفأ حتى سهل [له] الإذن عليه، وكان يسأل الحاجب أن يجلسه في الدهليز إذا تعذر عليه الوصول؛ حتى يظن الناس أنه قد وصل؛ حتى يبدو له منزلة الاختصاص [بعمر- رضي الله عنه-] فكان المغيرة أول من رشا، ويرفأ أول من ارتشى في الإسلام.
وقال في "المهذب" في باب ولاية القضاء: لا يكره للإمام أن يتخذ حاجباً؛ لأن يرفأ كان حاجب عمر، والحسن بن علي كان حاجب عثمان، وقنبر كان حاجب علي- رضي الله عنهم- ولأن الإمام ينظر في جميع المصالح؛ فتدعوه الحاجة إلى

الصفحة 27