كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

قال: والأئمة وأمر الصوم والأهلة، وأمر الحج والعمرة، وأمر القضاء والحسبة، وأمر الأجناد، أي: المرتبين في الحصون وغيرها، والإمرة [، أي:] على جباية الخراج والجهاد والحج والعمرة؛ كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمَّرَ أبا بكر على الحج بعد الفتح، وعلى البلاد ونحو ذلك؛ لأن الإمامة إنما وضعت لذلك.
قال: ولا يولي ذلك إلا ثقة مأموناً، عارفاً بما يتولاه، كافياً لما يتقلده من الأعمال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَرْعِي رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يرحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ"، ولأن المقصود من التولية لا يحصل بدون [هذه الأوصاف].
قال: ولا يدع السؤال عن أخبارهم والبحث عن أحكامهم؛ خوفاً من حدوث ما لا يجوز منهم.
قال: وينظر في أموال الفيء والخراج والجزية، ويصرف ذلك للأهم فالأهم من المصالح: من سد الثغور، [أي:] وهي الحصون، بالعدد والرجال ونحوها، وأرزاق الأجناد، وسد البثوق، أي: وهي الثلم والفتح، واحدها: بثق- بفتح الباء وكسرها-[يقال]: بثق السيل موضع كذا، أي: خرقه، يبثقه بثقاً، وانبثق: انفجر، والبثوق: بموحدة، ثم مثلثة مضمومتين.
قال: وحفر الأنهار، وأرزاق القضاة والمؤذنين، وغير ذلك من المصالح، أي: كبناء المساجد والربط والقناطر، والصرف للمفتين والقسام والمتفقهين، وكل من يقوم بقاعدة من قواعد الدين يلهيه قيامه بها عما فيه سداده وقوامه، وكالصرف لمن تحمل حمالة، وأجرة السجان [والسجن] وكاتب القاضي وحاجبه ونائبه والأعوان له، وثمن القرطاس، وغير ذلك مما هو مذكور في موضعه.

الصفحة 30