كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

والظاهر من مذهب الشافعي وما عليه جمهور الفقهاء: جوازه؛ لأنه إذا انتهت الخلافة إليه صار أملك بها وبتفويضها إلى من يشاء، بخلاف ما إذا مات ولم يعهد [بها] إلى أحد ليس لأهل البيعة أن يبايعوا غير الثاني، ويقدم عهد الأول على اختيارهم. وهذا فيه نظر؛ لأنه قال بعد ذلك: لو قال الخليفة العاهد: قد عهدت إلى فلان، فإن مات بعد إفضاء الخلافة إليه فالخليفة بعده فلان- لم تصح خلافة الثاني، ولم ينعقد عهده بها؛ لأنه لم يعهد إليه في الحال، وإنما جعله ولي عهد بعد إفضاء الخلافة إلى الأول، وقد يموت قبل إفضائها إليه؛ فلا يكون عهد الثاني بها منبرماً؛ فلذلك بطل، وجاز للأول بعد إفضاء الخلافة إليه أن يعهد بها إلى غيره.
وإن مات [من غير] عهدٍ جاز لأهل الحل والعقد اختيار غيره، ويخالف هذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش مؤتة؛ لأنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [حيّاً] لم تنتقل أمورهم إلى غيره.
وإنه ليس لأهل الشورى أن يعينوا واحداً منهم في حياة الخليفة إلا أن يأذن لهم في ذلك، فإن خافوا انتشار الأمر بعده استأذنوه، فإن أذن فعلوا.
وإنه يجوز للخليفة أن ينص على من يختاره للخلافة بعده؛ كما يجوز له أن يعهد إلى غيره حتى لا يصح إلا اختيار من نص عليه؛ لأنه من حقوق خلافته.
***

الصفحة 35