كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

كتاب الأقضية
"الأقضية": جمع "قضاء"؛ كـ "عَطاء" و"أعطية"، و"قباء" و"أقبية".
والقضاء- بالمد-: الولاية المعروفة.
قال الأزهري: وهو في الأصل: إحكام الشيء والفراغ منه؛ ومنه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ} [الإسراء: 4]، فيكون القضاء إمضاء الحكم على هذا.
وسُمِّي الحاكم حاكماً؛ لأنه يمضي الأحكام ويحكمها.
وقال الجوهري: إنه يقال: قضى، بمعنى: أنهى وفرغ. [ومنه- كما قال الرافعي- قوله تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15]، أي: قتله وفرغ منه].
وسُمي قاضياً، أي: قاتلاً، وسمي القضاء على هذا [قضاء؛ لأن القاضي ينهي الأمر بالفصل، ويفرغ منه بالإمضاء.
ويقال]: قضى، بمعنى أوجب؛ ومنه قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]، فيجوز أن يكون سمي القاضي قاضياً؛ لإيجابه الحكم على من يجب عليه.
ويقال: بمعنى الإتمام؛ ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200]، فالقاضي يتمم الأمر بحكمه.
ويقال: بمعنى "مات"، وبمعنى "أدى"، وبمعنى "قدر" و"صنع"؛ كقولهم: [قضى] الدرع؛ ومنه قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12].
ويسمي القضاء حُكْماً؛ لما فيه من منع الظالم من الظلم، مأخوذاً من "الحكمة" التي توجب وضع الشيء في محله، أو من إحكام الشيء؛ ومنه: حكمة اللجام؛ لمنعها الدابة من ركوبها رأسها.
وقد قيل: إن الحكمة مأخوذة من هذا- أيضاً- لمنعها النفس من هواها، ويقال: حكمت وأحكمت السفيه، إذا أخذت على يده ومنعته.

الصفحة 36