كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

قال البغوي والغزالي: والطلب مكروه.
وعن القاضي الحسين: أن الطلب من الطالب حرام، ويكره للإمام أن يوليه القضاء، فإن ولاه انعقد، ويكره له التقليد إن أمكنه أن يتعلل.
قال الإمام: ودعواه تحريم الطلب [مع تصحيح نصب المفضول خطأ، وقد [قال:] يكره للإمام أن ينصبه، وحكم الطلب] يتلقى من حكم النصب، ولو كان الموجود في البلد دونه، فإن قلنا: لا تنعقد ولاية المفضول، فقد تعين، وحكمه سبق، وإن قلنا: تنعقد، كان الأولى له القبول؛ لتحصل بذلك المزية للمسلمين، وقيل: يجب إذا قلد من غير مسألة.
قال الرافعي: وهذا الخلاف قريب من الخلاف المذكور فيما إذا امتنع الكل، هل يجبر الإمام أحدهم؟ والأظهر هنا: عدم الوجوب؛ لأنه قد يقوم به غيره.
قلت: بل هو قريب من الخلاف الذي حكيته عن ابن الصباغ وغيره في أن الإمام إذا عين واحداً ابتداء للقضاء مع مساواته لغيره، هل يجب عليه عيناً؟ ويظهر أن يكون الأظهر ها هنا: الوجوب؛ لامتياز هذا بالفضل الذي [قيل: إنه] سبب التعيين.
وقد قال الماوردي: إذا تكاملت شروط القضاء في جماعة، وكان فيهم طالب للولاية وفيهم ممسك، فالأولى تقليد الممسك، فإن امتنع [لعذر لم يجبر، وإن امتنع] لغير عذر ففي جواز إجباره عليه وجهان، فإذا كان هذا لأجل فضل الامتناع فكيف بك [في] غيره؟!
والطلب جائز بل مستحب، قال الرافعي: [وحيث] استحببنا الطلب والتقليد أو أبحناهما، فذاك عند الوثوق وغلبة الظن بقوة النفس، وأما عند الاستشعار فينبغي أن يحذر؛ فإن أهم الغنائم حفظ السلامة.
وبالجملة: فالذي [كان] عليه الشافعي- رضي الله عنه- الامتناع من الدخول فيه، وكذا الصدر الأول من أصحابه، وكذا الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم؛

الصفحة 47