كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

مُضَر من البصرة واحد، وفي جانب ربيعة منها [آخر]- نظر كل واحد في جانبه بين أهله دون الطارقين إليه، ولا يتعداهم، وفيه نظر إن صحت النسخ. هكذا قال، ولو تحاكم من الجانبين رجلان، فدعا كل واحد منهما إلى قاضي جانبه- نظر: فإن كانا عند التنازع قد اجتمعا في أحد الجانبين أجيب قول من [هو في جانبه]، طالباً كان أو مطلوباً، وإن كان كل واحد منهما في جانبه، فليس لواحد منهما أن يجبر الآخر على المحاكمة إلى قاضيه.
فرع: لو كان بين الجانبين موضع مشترك بينهما، روعي الأغلب عليه في إضافته إلى أحدهما، ويجعل داخلاً فيه، فإن استوى الأمران دخل في ولاية قاضي كل جانب ما كان أقرب إليه من غيره.
وقد احترز الشيخ بقوله: ينظر كل واحد منهما في موضع، عما إذا ولي قاضيان في بلد، لينظر كل واحد منهما فيه بين جميع أهله، إما بشرط عدم الاستقلال دون مراجعة صاحبه، أو مع الاستقلال؛ فإن الأصحاب متفقون على عدم الصحة عند اشتراط اجتماعهما على القضاء؛ لأن اختلاف الاجتهاد غالب والتقليد ممتنع؛ فيؤدي إلى بقاء الخصومات واستمرار المنازعات، واختلفوا في الصحة عند إثبات الاستقلال [لكل واحد] على وجهين:
أصحهما- عند الإمام في "الغياثي": المنع، وعلى ذلك ينطبق قول مجلي: إن الأصحاب صححوه. واختاره في "المرشد"؛ لإفضاء ذلك إلى التشاجر والتنازع عند الترافع؛ لعدم مزية أحدهما على الآخر، وخالف ما إذا كان الإمام في بلد وولى قاضياً فيه، أو استخلف القاضي نائباً؛ فإن المنازعة مرتفعة؛ لترجيح دعوى طالب الأصل؛ كما أشار إليه الإمام في "النهاية"، وسيأتي حكاية مثله عن الماوردي عند الكلام في الاستخلاف.
والثاني- وهو ما ادعى الماوردي أنه قول الأكثرين، وصححه الرافعي وابن أبي الدم، وقال في "البحر": إن الشافعي نص عليه-: الجواز؛ لأنها استنابة كالوكالة.

الصفحة 51