كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

الحالة الأخيرة لو كان [في العجم] موالٍ للعرب، ففي أحق القاضيين بالنظر في أحكامهم وجهان مبنيان على الخلاف في موالي ذوي القربى، هل يحرم عليهم من الصدقات ما يحرم على ذوي القربى أم لا؟
وإذا وقع التنازع بين رجل وامرأة في الصورة السابقة على الأخيرة، أو بين عربي وعجمي في الصورة الأخيرة- فقد أطلق القاضي الحسين والإمام قبيل كتاب القسام: أن واحداً من القاضيين لا يفصل بينهما الخصومة.
وقال [القاضي الماوردي] في "الحاوي": إن لهما حالتين.
إحداهما: أن يتفقا على التحاكم إلى قاضي أحدهما، فإن كان ذلك قاضي المطلوب نفذ حكمه فيهما؛ لأنه مندوب إلى استيفاء الحقوق من أهل نظره، وإن كان قاضي الطالب ففي نفوذ حكمه وجهان مخرجان من قولي التحكيم.
والحالة الثانية: أن يتجاذب المتنازعان ويدعو كل [واحد] منهما إلى قاضيه- ففيه وجهان: أحدهما:
يوقف تنازعهما حتى يتفقا على أحد القاضيين، ويكون الحكم كما تقدم.
والثاني: يجتمع القاضيان على سماع الدعوى، فإن امتنعا أثما وأجبرا عليه، وتفرد بالحكم قاضي المطلوب، فإن اقتضى الحكم سماع البينة تفرد بسماعها قاضي المشهود عليه، وإن وقف الحكم على يمين استوفاها قاضي الحالف؛ ليكون الحكم في الأحوال كلها نافذاً من قاضي المطلوب دون الطالب.
قال: ولا يصح القضاء، أي: وإن تعين على شخص لتفرده في عصره [بشروطه]، إلا بتولية الإمام أو من فوض إليه الإمام، أي: التولية إما بالتصريح، أو لدخولها في عموم ولايته، كما سنذكره، ووجهه: أنه ولاية لحق المسلمين، وهو من الأمور العظام؛ فاحتيج فيه إلى نظر الإمام، ولأن الولاية عقد،

الصفحة 54