كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

والعقد يفتقر إلى عاقد، فاختص به الإمام ونائبه؛ لأنه الناظر للمسلمين، وهذا بخلاف من تعينت عليه الإمامة؛ فإن من فقهاء العراق والمتكلمين من [قال] بحصول الإمامة له بالتعين من غير عقد، وفرقوا بأن القضاء نيابة خاصة، يجوز عزل القاضي عنها بعد التولية مع بقائه على صفته بخلاف الإمامة.
قال الماوردي: وقد شذ بعض أهل المذهب، فسوَّى بين الإمامة والقضاء في انعقادهما عند التعين من غير عاقد، والجمع بينهما في الصحة أفسد، وفي البطلان أصح.
قلت: والقائل بالتسوية يجوز أن يكون هو القائل بعدم انعزال القاضي بالعزل مع بقائه على صفة القضاء كما سنذكره؛ لانتفاء الفارق عنده.
ثم لا فرق عند الرافعي والبغوي فيمن فوض إليه تولية القضاء بين أن يكون أهلاً للقضاء أو لا؛ لأنه سفير.
وفي "الحاوي" و"البحر": أنه لو رد إلى امرأة تقليد قاض، لم يجز؛ لأنه لا يجوز أن تكون والية، فلا تكون مولية. وهذا يقتضي أن يكون المولي بصفة من يصلح للقضاء، وقد اتفقوا على أنه لو رد إلى امرأة اختيار قاض، جاز؛ لأن الاختيار اجتهاد، فجاز لها كالفتوى.
وإذا علمت انحصار تولية القضاء فيمن ذكرناه، عرفت أن تولية القضاء فرض على الإمام عيناً في كل ناحية أو بلد عرف أنها خالية عن القاضي: إما بأن يبعث إليهم قاضياً من عنده، أو يختار منهم من يصلح لذلك.
قال الماوردي: ولا يجوز أن يتوقف حتى يسأل؛ لأنها من الحقوق المسترعاة، فإن عرف حال من يوليه علماً وعدالة فذاك، وإلا أحضر أهل العلم، واختار منهم واحداً بعد معرفة علمه بالاختيار، وعدالته بسؤال خلطائه والجيران.
وقال: إنه يكفي [في] معرفة صلاحيته الاستفاضة، وكذا شهادة شاهدين بتكامل شروط القضاء فيه، ويختبره المولي ليتحقق لاختياره صحة معرفته، وهل يكون

الصفحة 55