كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

اختياره بعد الشهادة واجباً أو مستحبّاً؟ فيه وجهان، ولو ولاه قبل المعرفة بحاله لم تنعقد، وإن ظهرت أهليته بعد ذلك.
قال الرافعي وغيره: قال الماوردي: وقد تكون التولية في حق غيره فرض عين أيضاً، وهو ما إذا ولى الإمام شخصاً قضاء إقليم، وكان يعجز عن النظر [في جميع النواحي؛ فإنه يجب عليه عيناً تقليد القضاء فيما [إذا عجز] عن مباشرته إذا كان بعيداً عن نظر الإمام، وإن كان قريباً منه كان فرض التقليد مشتركاً بينه وبين الإمام، ومتعيناً عليهما دون غيرهما، فأيهما انفرد بالتقليد سقط فرضه عنهما، ولكن الإمام إذا ولى كان عزلاً للقاضي عن ذلك المحل، إلا أن يصرح في التقليد باستنابته [عنه]، وفي هذه الحالة، هل يجوز [للقاضي] عزله؟ فيه وجهان.
وهذا كله إذا كان للأمة إمام، فلو خلا الزمان عنه وعن سلطان ذي نجدة واستقلال وكفاية ودراية، فقد أطلق الإمام في "الغياثي" القول بأن الأمور موكولة إلى العلماء، وأنه حق على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يرجعوا إلى علمائهم، ويصدروا في جميع قضاء الولايات عن آرائهم، فإن فعلوا ذلك صار العلماء ولاة العباد، فإن عسر جمعهم على واحد استقل أهل كل صقع وناحية بإتباع علمائهم، وإن كثر العلماء في الناحية فالمتبع أعلمهم، فإن فرض استواء- على نُدُور- فإن اتفقوا على تقديم واحد فذاك، وإن تنازعوا، وأفضى الأمر إلى خصام وشجار- فالوجه عندي: الإقراع؛ فمن خرجت له القرعة قدم.
وفي "الحاوي": أنه إن خلا بلد عن قاض، ولم يمكن أهله أن يتحاكموا إلى حاكم بأقرب البلاد إليهم، وخلا العصر عن إمام، وكان لا يرجى تولية إمام بعد زمان قريب، فقلد جميع أهل الاختيار منهم، أو بعضهم- وقد ظهر رضا الباقين بالسكوت وعدم الاختلاف-[شخصاً] وأمكنهم نصرته وتقوية يده- كان تقليده جائزاً؛ حتى لا يتغالبوا على الحقوق، ولو انتفى شيء من ذلك لم يجز، حتى لو قلد بعض أهل

الصفحة 56