كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

استحقاقاً من استئجار، أو ارتهان، فادَّعِ وأثبت، وإلا فحكم الملك استيلاء المالك باسترداد الملك من يدك.
قال الإمام: وهذا فيه نظر؛ فإن البيت لم تشهد إلا على الملك، والملك لا ينافي استحقاق يد المدعى عليه؛ فلم تقم البينة على وجه يوجب إزالة اليد، وهذا عندي يقرب مأخذه من أن المالك وصاحب اليد إذا تنازعا في [الإعارة، والإجارة] فالقول قول من؟
فإن جعلنا القول قول المالك؛ فيكفي ثبوت الملك هنا، ثم باب الدعوى مفتوح لصاحب اليد، والقول قول المالك.
وإن جعلنا القول قول صاحب اليد، فلا تزال يده ما لم تتعرض البينة لكون صاحب اليد مبطلاً.
قال ابن أبي الدم: وما ذكره القاضي صحيح عندي، ولا يمكن فرض خلاف فيه في المذهب، وقاعدة المذهب تقتضيه، وليس كمسألة الإجارة التي ذكرها الإمام والخلاف فيها، والإشكال الذي ذكره ضعيف جدًّا، وبيانه: أن بينة الخارج موجبة لتقدمه شرعاً على يد الداخل إذا لم تقم له بينة بملك ولا بيد سابقة – مثلاً- ولا بأمر يعارض بينة الخارج.
وكون العين المدعى بها في يد الداخل لا يعارض مجرد هذا بينة الخارج إجماعاً، وإمكان كونها مستأجرة منه أو مرهونة عنده لا يقاوم بينة الخارج إذا سكت ذو اليد عن دعوى ذلك بلا خلاف أيضاً.
نعم، لو ادعى ذو اليد أن العين [بيده] بإجارة، صدق على أحد الوجهين بدعواه، أما عند سكوته فلا ذاهب إليه، ولا نعرف فيه خلافاً، والدليل على صحة ما ذكرناه: أنه لو ادعى عليه ثمن مبيع باعه منه، وسلمه إليه، فأجاب بالابتياع، وقبضه المبيع، وأن الثمن ما ذكره البائع للمدعي، وقال: لا يلزمني تسليم الثمن إليه، أو: ما يستحق عليَّ هذا الثمن، ولا شيئاً منه- فهذا لا يسمع منه إجماعاً وإن أمكن براءته منه.

الصفحة 568