كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

فذهب قوم إلى جوازها؛ لأن يوسف- عليه السلام- تولى من قبل فرعون؛ ليكون بعدله دافعاً لجوره.
وذهبت طائفة أخرى على حظرها، والمنع من التعرض لها؛ لما فيها من معونة الظالمين، وتزكيتهم بالتقليد، وأجابوا عن ولاية يوسف من قِبَل فرعون بجوابين:
أحدهما: أن فرعون يوسف كان صالحاً، وإنما الطاغي فرعون موسى.
والثاني: أنه نظر له في أملاكه دون أعماله.
والشرط الثاني: أن يعلم المولى من نفسه أنه استكمل الشرائط المعتبرة في القضاء، فإن علم أنه لم يستكملها لم يصح قبوله، وكان بقبوله مجروحاً.
الأمر الثاني- المحل الذي قلد قضاءه:
فلابد من تعيينه، كقوله: قلدتك قضاء البصرة؛ [فلو قال: قلدتك قضاء البصرة] أو الكوفة، أو [قضاء] أي بلد شئت، أو أي بلد رضيك أهله- كان التقليد فاسداً؛ للجهل بالعمل. وإذا قلد [قضاء] بلد، وأمسك عن ذكر نواحيها وأعمالها، فيعتبر في أعمالها العرف: فإن كان جارياً بإفرادها عنه لم تدخل في ولايته؛ كما لو صرح بعدم دخولها، وإن كان العرف جارياً بإضافتها إليه دخلت في ولايته؛ كما لو صرح بذلك، وإن اختلف العرف في إفرادها وإضافتها روعي أكثرهما عرفاً، فإن استويا روعي أقربهما عهداً، قاله الماوردي، رحمه الله.
الأمر الثالث- تعيين المولى بعد معرفة حاله كما ذكرنا:
فلو قال: وليت أحد هذين، أو من يرغب في القضاء ببلد كذا من علمائها- لم يجز.
وعن القاضي ابن كج حكاية وجهين فيما لو قال لأهل بلدة: اختاروا رجلاً منكم وقلدوه القضاء، و [أن] أشبههما: الجواز، ولو قال: فوضت إلى فلان وفلان، فهذا نصب قاضيين.
قال: وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء، فحكماه في مال- ففيه قولان:

الصفحة 59