كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

ووجه الجواز: أن ولاية التحكيم منعقدة باختيارهما؛ فصار المحكوم عليه راضياً بحكمه.
قلت: ولو بني الخلاف على أن الحكم يفتقر لزومه إلى الرضا بعده أم لا؟ لم يبعد.
وهكذا الحكم فيما لو تحاكم إليه عدوه وغيره، فحكم له أو عليه، صرح به الماوردي، وحكى وجهاً: أنه ينفذ حكم المولى من جهة الإمام على عدوه- أيضاً- وسنذكره.
قال: وينبغي أن يكون القاضي ذكراً؛ لقوله- تعالى- {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34]، يعني: في العقل والرأي؛ فلم يجز أن يقمن على الرجال.
وفي "البحر": أن عائشة روت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تكُونُ المَرْأَةُ حَكَماً تَقْضِي بَيْنَ العَامَّةِ"، ولأن القاضي يحتاج إلى مخالطة الرجال، والمرأة مأمورة بالتخدر؛ ولذلك لم تصح إمامتها بالرجال مع صحتها من الفاسق.
والخنثى المشكل فيما نحن فيه كالمرأة، قال الماوردي: ولو بان أنه رجل، لم يصح تقليده، يعني: أنه لو بان بعد التقليد رجلاً لم تنعقد ولايته، كما صرح به في "البحر"، وقال: إنه المذهب. ثم قال: وقيل: فيه وجهان.
أما إذا بانت رجولته قبل التولية؛ صح تقليده جزماً، قاله في "البحر".

الصفحة 67