كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

و"تعليق" القاضي الحسين في أواخر [باب] الوصية- حكاية وجه: أنه تصح ولايته، وقد قال ابن أبي الدم: إن [الجرجاني حكاه] قولاً. وقد يستدل له بما روى أبو داود عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى المَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ أَعْمَى، والصحيح: الأول، وبه جزم الماوردي وغيره، وأما الحديث فقد يجاب عنه بما قاله بعضهم: أن في رجاله عمر بن داود القطان، وقد ضعفه ابن معين والنسائي.
ثم على تقدير توثيقه كما صار إليه بعضهم، فهو محمول على ولاية الصلاة [بالمدينة] دون القضاء والأحكام؛ إكراماً له، وأخذاً بالأدب فيما عاتبه الله- تعالى- في أمره في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1]، فإنه روي أن الآية نزلت فيه.
وفي معنى الأعمى: من يرى الأشباح ولا يعرف الصور. نعم، لو كان [إذا قربت منه] عرفها، صح كما تصح ولاية مني بصر بالنهار دون الليل وهو الأعشى، والأخرس الذي لا تفهم إشارته، [لا يجوز تقليده؛ لأنه يعجز عن تنفيذ الأحكام وإلزام الحقوق]، فلو كانت له إشارة مفهمة ففي "الإشراف" [حكاية] جوابين [فيه] لابن القاص؛ بناءً على جواز شهادته في وجه، وقد نسب غيره الجواز إلى ابن سريج؛ كما جوز سماع شهادته.
قال الماوردي: وجمهور أصحابنا على منعهما، وبه جزم البغوي، وادعى القاضي الحسين في كتاب الضمان: أنه لا خلاف فيه. نعم، لو كان في لسانه تمتمة أو عقدة أو نحو ذلك جازت توليته؛ لأنه نقص لا يمنع من الكلام وإن غمض.

الصفحة 76