كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

ولا يقدح في الولاية كون الشخص مقطوع الأطراف أو مبطولاً أو زَمِناً، وإن كانت السلامة من الآفات أَهْيَبَ لذوي الولايات.
ومنها: معرفة الحساب.
وقد حكى [عن] صاحب "البحر" في صحة تولية من لا يعرفه وجهين، وقال: إن المذهب الصحة.
والمنقول عن الشافعي- رضي الله عنه- في صفة القاضي- كما حكاه الماوردي وابن الصباغ والروياني وغيرهم- ثلاث شرائط: أن يكون من أهل الاجتهاد، وأن يكون عدلاً، [وأن يكون] كاملاً. وهي شاملة لجميع ما ذكرناه.
قال: والأفضل أن يكون شديداً من غير عنف؛ لأنه لو كان عنيفاً لمنعت هيبته من استيفاء الحقوق [وقيام الخصوم بالحجج.
قال: ليناً من غير ضعف؛ حتى لا يخترق به الخصوم، ولا تضيع الحقوق]. وهذه عبارة بعض السلف.
قال القاضي أبو الطيب: قال بعض أصحابنا: يكون حسنه بين الشِّيَتَيْنِ.
وفي "التهذيب": أنه يكره أن يكون جباراً يهابه الخصوم، وأن يكون ضعيفاً يطمع كل أحد في جنبته.
قال: وإذا ولى الإمام رجلاً كتب [إليه بالعهد]؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لِعَمْره بْنِ حَزْمٍ كِتَاباً حِيْنَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ كَتَبَ لِأَنسٍ حِيْنَ بَعَثَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَى حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ أَنَّ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الكُوْفَةِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّاراً أَمِيْراً وَعَبْدُ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَاضِياً وَوَزِيْراً، فَاسَمُعوا لَهُمَا وَأَطِيْعُوا؛ فَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِمَا.

الصفحة 77